وفيها: المنصور عيسى بن موسى وبايع لابنه فجعله ولي عهده: المهدي ، خلع
وكان سبب خلعه بعد أن بايع له بعد السفاح أقره على ما كان عليه من [ ص: 104 ] الولاية المنصور الكوفة وسوادها في زمن فكان يكرمه ويجلسه عن يمينه السفاح ، والمهدي عن يساره ، إلى أن عزم على تقديم المنصور في الخلافة عليه ، فلما عزم على ذلك كلم المهدي عيسى بن موسى في ذلك برقيق من الكلام . فقال عيسى: يا أمير المؤمنين ، فكيف بالأيمان والمواثيق التي علي وعلى المسلمين في العتق والطلاق وغير ذلك ، ليس إلى ذلك سبيل ، فلما رأى امتناعه تغير له وباعده بعض التباعد ، وأمر بالإذن للمهدي قبله ، فكان يدخل فيجلس في مجلس عيسى ، ثم يؤذن لعيسى فيدخل فيجلس دون عن يمين المهدي أيضا ، ولا يجلس عن يساره فيغتاظ من ذلك المنصور ، ويبلغ منه ، فكان يأمر بالإذن المنصور للمهدي ، ثم لعيسى بن علي ، ثم عبد الصمد بن علي ، ثم عيسى بن موسى .
ثم صار الأمر إلى أوحش من ذلك بأن كان يكون في المجلس فيسمع الحفر في أصل الحائط ، فيخاف أن يخر عليه الحائط ، وينتثر عليه التراب ، وينظر إلى الخشبة من سقف المجلس قد حفر عند طرفيها لتقلع فيسقط التراب على قلنسوته وثيابه ، فيأمر من معه من ولده بالتحول ، ويقوم هو فيصلي ، ويأتيه الإذن فيدخل على حالته والتراب عليه .
وقيل: إنه دس لعيسى بعض ما يتلفه ، ونهض وخرج ، فقال له بختيشوع: ما أجترئ على معالجتك بالحضرة ، فاستأذن في الكوفة ، فأذن له ، وبلغت العلة من عيسى كل مبلغ حتى تمعط شعره .