الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب إتيان المناظرة والمجادلة وإقامة الحجة " قال الله تعالى : ( وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ) وقال : ( ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة ) والبينة: ما بان من الحق ، وقال : ( إن عندكم من سلطان بهذا ) قال المفسرون : من حجة قالوا : والسلطان : الحجة وقال الله جل وعز ( قل فلله الحجة البالغة ) ، وقال : ( يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها ) " .

1821 - حدثنا خلف بن القاسم ، نا أحمد بن محمد بن يزيد الحلبي القاضي ، نا أحمد بن علي بن سهل المروزي ، قال : نا محمد بن حميد الرازي ، ثنا مهران بن أبي عمر ، عن سفيان ، عن عبيد المكتب ، عن الفضيل بن عمرو ، عن الشعبي ، عن أنس بن مالك ، في قوله ( اليوم نختم على أفواههم ) قال : [ ص: 954 ] كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فضحك حتى بدت نواجذه وقال : " هل تدرون مم ضحكت ؟ " وذكر شيئا ، ثم قال : " في مجادلة العبد ربه يوم القيامة يقول : يا رب ، ألم تجرني من الظلم ؟ قال : بلى قال : فإني لا أجيز علي اليوم شاهدا إلا من نفسي قال : ( كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا ) كذا قال ويختم على فيه ويقال لأركانه : انطقي ، فتنطق بأعماله ثم يخلى بينه وبين الكلام فيقول : بعدا لكن ، فعنكن كنت أناضل " وقال : ( إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون ) وقال : ( ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر ) يقول : فانقطع وخصم ولحقه البهت عند أخذ الحجة له ووصف الله عز وجل خصومة إبراهيم عليه السلام قومه ورده عليهم وعلى أبيه في عبادة الأوثان ( إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون ) إلى قوله ( أف لكم ولما تعبدون من دون الله ) الآيات كلها ونحو هذا في سورة الظلة ( إذ قال لأبيه وقومه ما تعبدون قالوا نعبد أصناما فنظل لها عاكفين قال هل يسمعونكم إذ تدعون أو ينفعونكم أو يضرون ) فحادوا عن جواب سؤاله هذا إذ انقطعوا وعجزوا عن الحجة فقالوا ( بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون ) وهذا ليس بجواب عن هذا [ ص: 955 ] السؤال ولكنه حيدة وهرب عما لزمهم وهو ضرب من الانقطاع ، وقال عز وجل : ( وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء ) قالوا : بالعلم والحجة ، وقال في قصة نوح عليه السلام : ( قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا ) الآيات إلى قوله ( وأنا بريء مما تجرمون ) وقال في قصة موسى عليه السلام ( قال فمن ربكما يا موسى ) الآيات إلى قوله ( تارة أخرى ) وكذلك قول فرعون ( وما رب العالمين ) إلى قوله ( أولو جئتك بشيء مبين ) يعني والله أعلم بحجة واضحة أدحض بها حجتك ، وقال عز وجل ( قل هل من شركائكم من يبدأ الخلق ثم يعيده قل الله يبدأ الخلق ثم يعيده فأنى تؤفكون ) إلى قوله ( أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون ) فهذا كله تعليم من الله عز وجل للسؤال والجواب والمجادلة وجادل رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الكتاب وباهلهم بعد الحجة قال الله عز وجل : ( إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ) الأية ثم قال : ( فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم ) الآية ، . [ ص: 956 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية