الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1682 - أخبرنا عبد الوارث ، ثنا قاسم ، ثنا أحمد بن زهير قال : أنا سليمان بن أبي شيخ ، قال : قال مساور الوراق :


كنا من الدين قبل اليوم في سعة حتى ابتلينا بأصحاب المقاييس     قاموا من السوق إذ قلت مكاسبهم
فاستعملوا الرأي عند الفقر والبوس     أما العريب فقوم لا عطاء لهم
وفي الموالي علامات المفاليس



فلقيه أبو حنيفة فقال : هجوتنا نحن نرضيك فبعث إليه بدراهم فقال :


إذا ما أهل مصر بادهونا     بآبدة من الفتيا لطيفه
[ ص: 896 ] أتيناهم بمقياس صحيح     صليب من طراز أبي حنيفه
إذا سمع الفقيه به وعاه     وأثبته بحبر في صحيفه



قال أبو عمر : " اتصلت هذه الأبيات ببعض أهل الحديث والنظر من أهل ذلك الزمان فقال :


إذا ذو الرأي خاصم عن قياس     وجاء ببدعة منه سخيفه
أتيناهم بقول الله فيها     وآثار مصححة شريفه
فكم من فرج محصنة عفيفة     أحل حرامها بأبي حنيفة



قال أبو عمر رحمه الله : هذا تحامل وجهل واغتياب وأذى للعلماء ؛ لأنه إذا كان له في النازلة كتاب منصوص وأثر ثابت لم يكن لأحد أن يقول بغير ذلك فيخالف النص والنص مالا يحتمله التأويل وما احتمله التأويل على الأصول واللسان العربي كان صاحبه معذورا . [ ص: 897 ]

1683 - أنشدنا أبو القاسم عبد الوارث بن سفيان قال : أنشدنا أبو محمد قاسم بن أصبغ قال : أنشدنا محمد بن وضاح ببغداد على باب أبي مسلم الكشي قال : قال لي غلام خليل : أنشدني بعض البصريين لبعض شعرائهم يهجو أبا حنيفة وزفر بن الهذيل .


إن كنت كاذبة بما حدثتني     فعليك إثم أبي حنيفة أو زفر
الواثبين على القياس تعديا     والناكبين عن الطريقة والأثر
خلت البلاد فارتعوا في رحبها     ظهر الفساد ولا سبيل إلى الغير "



قال لنا أبو القاسم : قال لنا قاسم بن محمد ولد محمد بن وضاح وكان أدرك غلام خليل ومات محمد بن محمد بن وضاح بجزيرة إقريطش " قال أبو عمر : " بلغني أن أبا جعفر الطحاوي أنشد هذه الأبيات :

فعليك إثم أبي حنيفة أو زفر .

فقال : " وددت أن لي أجرهما وحسناتهما وعلي إثمهما وسيئاتهما ، وكان من أعلم الناس بسير القوم وأخبارهم ؛ لأنه كان كوفي المذهب وكان عالما بجميع مذاهب الفقهاء رحمه الله وقد رويت في ذم الرأي والقياس آثار كثيرة وسنورد لها بابا في كتابنا هذا إن شاء الله تعالى " . [ ص: 898 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية