الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب القول في التحفظ وأوقاته وإصلاح ما يعرض من علله وآفاته

اعلم أن للحفظ ساعات ، ينبغي لمن أراد التحفظ أن يراعيها وللحفظ أماكن ينبغي للمتحفظ أن يلزمها .

- فأجود الأوقات : الأسحار ، ثم بعدها وقت انتصاف النهار ، وبعدها الغدوات دون العشيات ، وحفظ الليل أصلح من حفظ النهار .

قيل لبعضهم : بم أدركت العلم ؟ فقال : " بالمصباح ، والجلوس إلى الصباح " .

وقيل لآخر ، فقال : " بالسفر ، والسهر ، والبكور في السحر " .

868 - أنا العتيقي ، أنا أبو مسلم الكاتب ، نا أبو بكر بن دريد ، قال : " سأل شاب جاهل أفلاطون : كيف قدرت على كثرة ما تعلمت ؟ قال : " لأني أفنيت من الزيت أكثر مما شربت أنت من الشراب " .

وبلغني أن رجلا قال لأفلاطون : ألم نكن جميعا في مكتب واحد ؟ قال : بلى قال : فكيف صرت تعلوا منبر التعليم وحظي من العلم ما

[ ص: 208 ] تراه ؟ قال : " ذلك لأن ديناري كان محمولا إلى الزيات ، ودينارك كان محمولا إلى الخمار " .

وقال أبو القاسم السعدي ابن عم أبي نصر بن نباتة :


أعاذلتي على إتعاب نفسي ورعيي في السرى روض السهاد     إذا شام الفتى برق المعالي
فأهون فائت طيب الرقاد



- وأجود أماكن الحفظ : الغرف دون السفل ، وكل موضع بعد مما يلهي ، وخلا القلب فيه مما يقرعه فيشغله ، أو يغلب عليه فيمنعه ، وليس بالمحمود أن يتحفظ الرجل بحضرة النبات والخضرة ، ولا على شطوط الأنهار ولا على قوارع الطرق ، فليس يعدم في هذه المواضع غالبا ما يمنع من خلو القلب وصفاء السر .

وأوقات الجوع أحمد للتحفظ من أوقات الشبع .

وينبغي للمتحفظ أن يتفقد من نفسه حال الجوع ، فإن بعض الناس إذا أصابه شدة الجوع والتهابه لم يحفظ ، فليطفئ ذلك عن نفسه بالشيء الخفيف اليسير كمص الرمان وما أشبه ذلك ، ولا يكثر الأكل ، فقد :

التالي السابق


الخدمات العلمية