الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          معلومات الكتاب

                                                                          تهذيب الكمال في أسماء الرجال

                                                                          المزي - جمال الدين أبو الحجاج المزي

                                                                          صفحة جزء
                                                                          1520 - (ق) : حمزة بن يوسف ، ويقال : حمزة بن [ ص: 344 ] محمد بن يوسف بن عبد الله بن سلام .

                                                                          روى عن : أبيه (ق) ، عن جده عبد الله بن سلام .

                                                                          روى عنه : ابنه محمد بن حمزة (ق) .

                                                                          ذكره أبو حاتم بن حبان في كتاب "الثقات" .

                                                                          روى له ابن ماجه حديثا ، عن أبيه ، عن جده عبد الله بن سلام قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : إن بني فلان أسلموا - لقوم من اليهود - وإنهم قد جاعوا ، وأخاف أن يرتدوا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : من عنده ؟ فقال رجل من اليهود : عندي كذا وكذا - لشيء قد سماه - أراه قال : ثلاثمائة دينار بسعر كذا وكذا من حائط بني فلان ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بسعر كذا ، وكذا إلى أجل كذا وكذا ليس من حائط بني فلان .

                                                                          رواه عن يعقوب بن حميد بن كاسب ، عن الوليد بن مسلم ، عن محمد بن حمزة هكذا مختصرا ، وقد وقع لنا عاليا أطول من هذا .

                                                                          أخبرنا به أبو إسحاق ابن الدرجي قال : أنبأنا أبو جعفر الصيدلاني ، ومحمد بن معمر بن الفاخر ، وداود بن محمد بن [ ص: 345 ] ماشاذة ، وأسعد بن سعيد بن روح ، وعفيفة بنت أحمد بن عبد الله قالوا : أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله قالت : أخبرنا أبو بكر بن ريذة قال : أخبرنا أبو القاسم الطبراني قال : حدثنا أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة قال : حدثنا أبي قال : حدثنا الوليد بن مسلم قال : حدثنا محمد بن حمزة بن يوسف بن عبد الله بن سلام ، عن أبيه ، عن جده عبد الله بن سلام قال : إن الله تعالى لما أراد هدى زيد بن سعنة قال زيد بن سعنة : ما من علامات النبوة شيء إلا وقد عرفتها في وجه محمد حين نظرت إليه ، إلا اثنتين لم أخبرهما منه : يسبق حلمه جهله ، ولا يزيده شدة الجهل عليه إلا حلما . فكنت ألطف له إلى أن أخالطه فأعرف حلمه من جهله ، قال زيد بن سعنة : فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما من الحجرات ومعه علي بن أبي طالب ، فأتاه رجل على راحلته كالبدوي ، فقال : يا رسول الله ، إن بقربي قرية بني فلان قد أسلموا ، أو دخلوا في الإسلام ، وكنت حدثتهم إن أسلموا أتاهم الرزق رغدا ، وقد أصابتهم سنة وشدة ، وقحوط من الغيث ، فأنا أخشى يا رسول الله أن يخرجوا من الإسلام طمعا كما دخلوا فيه طمعا ، فإن رأيت أن ترسل إليهم بشيء تعينهم به فعلت ، فنظر إلى رجل إلى جانبه - أراه عليا - فقال : يا رسول الله ، ما بقي منه شيء ، قال زيد بن سعنة : فدنوت إليه فقلت : يا محمد ، هل لك أن تبيعني تمرا معلوما في حائط بني فلان إلى أجل كذا وكذا ، فقال : لا يا يهودي ، ولكن أبيعك تمرا معلوما إلى أجل كذا وكذا ، ولا تسمي حائط بني فلان ، قلت : نعم فبايعني فأطلقت [ ص: 346 ] همياني فأعطيته ثمانين مثقالا من ذهب في تمر معلوم إلى أجل كذا وكذا فأعطاه الرجل ، وقال اعدل عليهم ، وأعنهم بها . قال زيد بن سعنة : فلما كان قبل محل الأجل بيومين ، أو ثلاثة خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومعه أبو بكر ، وعمر ، وعثمان في نفر من أصحابه ، فلما صلى على الجنازة ، ودنا من جدار ليجلس أتيته فأخذت بمجامع قميصه وردائه ، ونظرت إليه بوجه غليظ فقلت له : ألا تقضيني يا محمد حقي ؟ فوالله ما علمتكم بني عبد المطلب لمطل ، ولقد كان لي بمخالطتكم علم ، ونظرت إلى عمر وإذا عيناه تدوران في وجهه كالفلك المستدير ، ثم رماني ببصره فقال : يا عدو الله ، أتقول لرسول الله ما أسمع وتصنع به ما أرى ؟ ! فوالذي بعثه بالحق لولا ما أحاذر فوته لضربت بسيفي رأسك ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إلى عمر في سكون وتؤدة وتبسم ، ثم قال : يا عمر ، أنا وهو كنا أحوج إلى غير هذا : أن تأمرني بحسن الأداء ، وتأمره بحسن التباعة ، اذهب به يا عمر فأعطه حقه ، وزده عشرين صاعا من تمر مكان ما رعته ، قال : زيد فذهب بي عمر فأعطاني حقي وزادني عشرين صاعا من تمر ، فقلت : ما هذه الزيادة يا عمر ؟ قال : أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أزيدك مكان ما رعتك ، قال : وتعرفني يا عمر ؟ قال : لا ، فما دعاك أن فعلت برسول الله ما فعلت وقلت له ما قلت ؟ قلت : يا عمر لم يكن من علامات النبوة شيء إلا وقد عرفته في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نظرت إليه ، إلا اثنتين لم أخبرهما منه : "يسبق حلمه جهله ، ولا يزيده شدة الجهل عليه إلا حلما" ، فقد اختبرتهما فأشهدك يا [ ص: 347 ] عمر أني قد رضيت بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد نبيا ، وأشهدك أن شطر مالي - فإني أكثرها مالا - صدقة على أمة محمد قال : عمر : أو على بعضهم ، فإنك لا تسعهم ، قلت : أو على بعضهم ، فرجع عمر ، وزيد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال زيد : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، وآمن به ، وصدقه ، وتابعه ، وشهد معه مشاهد كثيرة ، ثم توفي في غزوة تبوك مقبلا غير مدبر ، رحم الله زيدا ! .

                                                                          هذا حديث حسن مشهور في دلائل النبوة ، وظاهر هذه الرواية أنه من رواية عبد الله بن سلام ، عن زيد بن سعنة ، والله أعلم .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية