الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          معلومات الكتاب

                                                                          تهذيب الكمال في أسماء الرجال

                                                                          المزي - جمال الدين أبو الحجاج المزي

                                                                          صفحة جزء
                                                                          1501 - (م 4) : حمزة بن حبيب بن عمارة الزيات القارئ أبو عمارة الكوفي التيمي مولى بني تيم الله من ربيعة أخو حبيب بن حبيب .

                                                                          [ ص: 315 ] روى عن : حبيب بن أبي ثابت (د ت) ، والحكم بن عتيبة (م س) ، وحماد بن أبي سليمان ، وحمران بن أعين (ق) ، وحمزة بن أبي حمزة النصيبي ، وزياد الطائي (ت) ، وسليمان الأعمش (س) ، وشبل بن عباد المكي ، وطريف أبي سفيان السعدي ، وطلحة بن مصرف ، وعبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز ، وعدي بن ثابت ، وعطاء بن السائب ، وعلقمة بن مرثد ، وعمرو بن مرة ، والعلاء بن المسيب ، وليث بن أبي سليم ، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، ومغيرة بن مقسم الضبي ، ومنصور بن المعتمر ، والمنهال بن عمرو ، وهارون بن عنترة ، ويزيد بن أبي زياد ، وأبي إسحاق السبيعي (4) ، وأبي إسحاق الشيباني ، وأبي المختار الطائي (ت عس) .

                                                                          روى عنه : إبراهيم بن هراسة ، والأحوص بن جواب ، وبكر بن بكار ، وجرير بن عبد الحميد (مق) ، وحجاج بن محمد (س) ، والحسن بن علي الواسطي أخو عاصم بن علي ، وحسين بن علي الجعفي (ت سي ق) ، وحفص بن عمر الثقفي الكوفي ، وحميد بن حماد بن خوار التميمي ، وزياد أبو حمزة التميمي ، وسعد بن الصلت البجلي الكوفي قاضي شيراز ، وسفيان بن عقبة أخو قبيصة بن عقبة ، وسليم بن عيسى الحنفي المقرئ ، وسلام الطويل ، وسيف بن محمد الثوري ، وشعيب بن صفوان الثقفي ، وعبد الله بن حبش الأودي ، وعبد الله بن صالح العجلي المقرئ ، وقرأ عليه القرآن ، وعبد الله بن المبارك (س) [ ص: 316 ] وعبد الصمد بن النعمان ، وعلي بن مسهر (مق) ، وعلي بن نصر الجهضمي الأكبر ، وأبو قطن عمرو بن الهيثم (ت) ، وعيسى بن يونس (د س) ، وغالب بن فائد المقرئ ، وغسان بن عبيد ، وقبيصة بن عقبة ، ومحمد بن جعفر المدائني ، وأبو أحمد محمد بن عبد الله بن الزبير الزبيري (م) ، ومحمد بن فضيل (ت) ، ومصعب بن سلام ، ومعاوية بن هشام (ت) ، ووكيع بن الجراح ، والوليد بن عقبة الطحان (د) ، ويحيى بن آدم س ، ويحيى بن أبي بكير ، ويحيى بن زكريا بن أبي الحواجب المقرئ ، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، ويحيى بن يعلى الأسلمي ، ويحيى بن يمان (ق) .

                                                                          قال حرب بن إسماعيل ، عن أحمد بن حنبل ، وأبو بكر بن أبي خيثمة ، عن يحيى بن معين : ثقة .

                                                                          وقال النسائي : ليس به بأس .

                                                                          وقال أبو بكر بن منجويه : كان من علماء زمانه بالقراءات ، وكان من خيار عباد الله عبادة ، وفضلا ، وورعا ، ونسكا ، وكان يجلب الزيت من الكوفة إلى حلوان ، ويجلب الجبن والجوز من حلوان إلى الكوفة .

                                                                          [ ص: 317 ] وقال أبو بكر بن أبي خيثمة ، عن سليمان بن أبي شيخ : كان يزيد بن هارون أرسل إلى أبي الشعثاء بواسط : لا تقرئ في مسجدنا قراءة حمزة .

                                                                          وقال أبو عبيد الآجري : سمعت أبا داود يقول : سمعت أحمد بن سنان يقول كان يزيد يكره قراءة حمزة كراهية شديدة .

                                                                          قال : وسمعت أحمد بن سنان يقول : سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول : لو كان لي سلطان على من يقرأ قراءة حمزة ، لأوجعت ظهره وبطنه . قيل له : ما تنكر يا أبا سعيد ؟ قال : يجيء أيوب بن المتوكل فتسلونه .

                                                                          وقال أبو بكر محمد بن يحيى الصولي : حدثنا إسحاق بن إبراهيم القزاز قال : حدثنا أبو هشام الرفاعي قال : سمعت الكسائي يقول : مات حمزة وهو يقرأ "علام الغيوب" ، فقال : كذب والله ، كان يقرأ "الغيوب" بكسر الغين ، ولقد أتيت حمزة الكسائي يقرأ عليه ، فاستندت إلى المحراب مع حمزة ، فجعل الكسائي ينتفض كأنه سعفة ، فقال حمزة : ما لك كأنه أعظم في عينك مني ! قال : لا ، ولكني إن أخطأت عليك علمتني ، وهذا إن أخطأت شنع علي .

                                                                          أخبرنا بذلك أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد القاهر ابن النصيبي بحلب قال : أخبرنا أبو سعد ثابت بن مشرف بن أبي سعد البغدادي بحلب قال : أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبيد الله بن [ ص: 318 ] سلامة ابن الرطبي قال : أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد بن البسري قال : أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى بن القاسم بن الصلت القرشي المجبر قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن يحيى الصولي فذكره .

                                                                          وقال سويد بن سعيد : حدثنا علي بن مسهر قال : سمعت أنا وحمزة الزيات من أبان بن أبي عياش خمسمائة حديث ، أو ذكر أكثر ، فأخبرني حمزة قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام ، فعرضتها عليه ، فما عرف منها إلا اليسير ، خمسة ، أو ستة أحاديث ، فتركت الحديث عنه .

                                                                          أخبرنا بذلك أبو الحسن ابن البخاري ، وزينب بنت مكي قالا : أخبرنا أبو حفص بن طبرزد قال : أخبرنا عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي قال : أخبرنا أبو محمد بن هزارمرر الصريفيني قال : أخبرنا أبو القاسم بن حبابة قال : أخبرنا أبو القاسم البغوي قال : حدثني سويد بن سعيد فذكره.

                                                                          رواه مسلم في مقدمة كتابه عن سويد بن سعيد ، فوافقناه فيه بعلو .

                                                                          وقال أبو الطيب عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون المقرئ : أخبرنا أبو بكر محمد بن نصر السامري قال : حدثنا سليمان بن جبلة قال : حدثنا إدريس بن عبد الكريم الحداد قال : حدثنا [ ص: 319 ] خلف بن هشام البزار قال : قال لي سليم بن عيسى : دخلت على حمزة بن حبيب الزيات فوجدته يمرغ خديه في الأرض ، ويبكي فقلت : أعيذك بالله ، فقال : يا هذا استعذت في ماذا ؟ فقال : رأيت البارحة في منامي كأن القيامة قد قامت ، وقد دعي بقراء القرآن فكنت فيمن حضر فسمعت قائلا يقول بكلام عذب : لا يدخل علي إلا من عمل بالقرآن . فرجعت القهقرى فهتف باسمي : أين حمزة بن حبيب الزيات ؟ فقلت : لبيك داعي الله لبيك ، فبدرني ملك ، فقال : قل : لبيك اللهم لبيك ، فقلت كما قال لي ، فأدخلني دارا فسمعت فيها ضجيج القرآن فوقفت أرعد ، فسمعت قائلا يقول : لا بأس عليك ، ارق واقرأ ، فأدرت وجهي ، فإذا أنا بمنبر من در أبيض دفتاه من ياقوت أصفر ، مراقته زبرجرد أخضر ، فقيل لي ارق واقرأ ، فرقيت فقيل لي : اقرأ سورة الأنعام ، فقرأت وأنا لا أدري على من أقرأ حتى بلغت الستين آية ، فلما بلغت وهو القاهر فوق عباده قال لي : يا حمزة ، ألست القاهر فوق عبادي ؟ قال : فقلت بلى ، قال : صدقت ، اقرأ : فقرأت حتى تممتها ، ثم قال لي : اقرأ ، فقرأت "الأعراف" حتى بلغت آخرها فأومأت بالسجود ، فقال لي : حسبك ما مضى ، لا تسجد يا حمزة ، من أقرأك هذه القراءة ؟ فقلت : سليمان قال : صدقت ، من أقرأ سليمان ؟ قلت : يحيى قال : صدق يحيى ، على من قرأ يحيى ؟ فقلت : على أبي عبد الرحمن السلمي ، فقال : صدق أبو عبد الرحمن السلمي ، من أقرأ أبا عبد الرحمن [ ص: 320 ] السلمي ؟ فقلت : ابن عم نبيك علي بن أبي طالب ، قال : صدق علي ، من أقرأ عليا قال : قلت : نبيك صلى الله عليه وسلم قال : ومن أقرأ نبيي قال : قلت : جبريل قال : ومن أقرأ جبريل قال : فسكت ، فقال لي : يا حمزة ، قل أنت . قال : فقلت ما أجسر أن أقول أنت ، قال : قل أنت ، فقلت : أنت ، قال : صدقت يا حمزة ، وحق القرآن ، لأكرمن أهل القرآن سيما إذا عملوا بالقرآن ، يا حمزة القرآن كلامي ، وما أحببت أحدا كحبي لأهل القرآن ، ادن يا حمزة ، فدنوت فغمر يده في الغالية ، ثم ضمخني بها ، وقال : "ليس أفعل بك وحدك ، قد فعلت ذلك بنظرائك من فوقك ومن دونك ومن أقرأ القرآن كما أقرأته لم يرد به غيري ، وما خبأت لك يا حمزة عندي أكثر ، فأعلم أصحابك بمكاني من حبي لأهل القرآن ، وفعلي بهم ، فهم المصطفون الأخيار ، يا حمزة ، وعزتي وجلالي ، لا أعذب لسانا تلا القرآن بالنار ، ولا قلبا ، وعاه ، ولا أذنا سمعته ، ولا عينا نظرته ، فقلت : سبحانك سبحانك ! أي رب! فقال : يا حمزة أين نظار المصاحف ؟ فقلت : يا رب حفاظهم ؟ قال : لا ، ولكني أحفظه لهم حتى يوم القيامة ، فإذا أتوني رفعت لهم بكل آية درجة" ، أفتلومني أن أبكي ، وأتمرغ في التراب .

                                                                          أخبرنا بذلك أبو الحسن ابن البخاري ، وأحمد بن شيبان ، وزينب بنت مكي قالوا : أخبرنا أبو حفص بن طبرزد قال : أخبرنا القاضي أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري قال : أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن حمدويه قال : أخبرنا أبو نصر أحمد بن محمد بن حسنون النرسي قال : أخبرنا أبو الطيب عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون المقرئ ، فذكره .

                                                                          [ ص: 321 ] وقال أبو الطيب بن غلبون أيضا بهذا الإسناد : أخبرنا أبو بكر محمد بن نصر السامري قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن خلف المعروف بوكيع قال : حدثنا ابن رشيد قال : حدثنا مجاعة بن الزبير قال : دخلت على حمزة - يعني ابن حبيب الزيات - وهو يبكي ، فقلت ما يبكيك ؟ فقال : وكيف لا أبكي رأيت الليلة في منامي كأني قد عرضت على الله جل ثناؤه ، فقال لي : يا حمزة اقرأ القرآن كما علمتك ، فوثبت قائما ، فقال لي اجلس فإني أحب أهل القرآن ، ثم قال لي : اقرأ ، فقرأت حتى بلغت سورة "طه" ، فقلت : طوى وأنا اخترتك فقال لي : بين ، فبينت فقلت : (طوى وأنا اخترناك) ، ثم قرأت حتى بلغت سورة "يس" ، فأردت أن أعطي ، فقلت : تنـزيل العزيز الرحيم فقال لي : قل تنزيل العزيز الرحيم ، يا حمزة كذا قرأت ، وكذا أقرأت حملة العرش ، وكذا يقرأ المقرئون ، ثم دعا بسوار فسورني ، فقال هذا بقراءتك القرآن ، ثم دعا بمنطقة فمنطقني ، فقال هذا بصومك بالنهار ، ثم دعا بتاج فتوجني ، ثم قال : هذا بإقرائك الناس القرآن ، يا حمزة لا تدع تنزيلا ، فإني نزلته تنزيلا . أفتلومني أن أبكي ؟ ! .

                                                                          رواهما أبو الفضل محمد بن جعفر بن محمد بن عبد الكريم المقرئ ، من ولد بديل بن ورقاء الخزاعي ، عن أبي الطيب محمد بن أحمد بن غلبون المقرئ ، عن أبي بكر محمد بن النضر السامري ، عن سليمان بن جبلة ، وعن محمد بن خلف القاضي ، [ ص: 322 ] نحو ما تقدم ، ولم يذكر في روايته ، "فأدرت وجهي" إلى قوله "أخضر" ، وقال في روايته : داود بن رشيد .

                                                                          أخبرنا بذلك أبو الحسن ابن البخاري قال : أخبرنا أبو اليمن الكندي قال : أخبرنا أبو محمد عبد الله بن علي بن أحمد المقرئ قال : أخبرنا الشريف أبو علي محمد بن أحمد بن عبدون الأنصاري قال : أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الرحمن العلوي قال : حدثنا أبو الفضل محمد بن جعفر بن محمد بن عبد الكريم بن بديل ، من ولد بديل بن ورقاء الخزاعي المقرئ ، فذكرهما .

                                                                          قال محمد بن عبد الله الحضرمي : مات بحلوان سنة ثمان ، ويقال : سنة ست وخمسين ومائة .

                                                                          [ ص: 323 ] روى له الجماعة سوى البخاري .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية