[  1518  ] أخبرنا  أبو عبد الله الحافظ ،  أخبرنا  أبو العباس محمد بن يعقوب ،  حدثنا  محمد بن إسحاق الصغاني ،  حدثنا  عفان ،  حدثنا  حماد بن سلمة ،  أخبرنا  ثابت ،  عن  عبد الرحمن بن أبي ليلى ،  عن صهيب ،  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :  " كان ملك ممن كان قبلكم ، وكان له ساحر ، فلما كبر الساحر ، قال الساحر : إني قد كبرت سني وحضر أجلي ، فادفع إلي غلاما لأعلمه السحر ، فدفع إليه غلاما ، فكان يعلمه السحر ، وكان بين الملك وبين الساحر راهب ، فأتى الغلام على الراهب فسمع كلامه ، فأعجبه نحوه وكلامه ، فكان إذا أتى الساحر ضربه ، ويقول : ما حبسك ؟ فإذا أتى أهله جلس عند الراهب ، فيبطئ على أهله ، فإذا  [ ص: 175 ] أتى أهله ضربوه ، وقالوا : ما حبسك ؟ فشكا ذلك إلى الراهب . 
فقال : إذا أراد الساحر أن يضربك ، فقل : حبسني أهلي ، فإذا أراد أهلك أن يضربوك ، فقل : حبسني الساحر ، قال : فبينما هم كذلك إذ أتى يوما على دابة فظيعة عظيمة قد حبست الناس فلا يستطيعون أن يجوزوا . 
فقال : اليوم أعلم أمر الراهب أحب إلى الله ، أم أمر الساحر فأخذ حجرا . 
فقال : اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك وأرضى لك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يجوز الناس ، ورماها فقتلها ومضى الناس فأخبر الراهب بذلك . فقال : أي بني ، أنت أفضل مني ، وإنك ستبتلى ، فإن ابتليت فلا تدل علي ، فكان الغلام يبرئ الأكمه والأبرص ، وسائر الأدواء ويشفيهم ، وكان جليس للملك ، فعمي فسمع به ، فأتاه بهدايا كثيرة . فقال : اشفني ، ولك ما هاهنا أجمع . فقال : ما أشفي أنا أحدا إنما يشفي الله ، فإن آمنت دعوت الله فشفاك فآمن ، فدعا له فشفاه ، ثم أتى الملك فجلس معه نحو ما كان يجلس ، فقال له الملك : يا فلان ، من رد عليك بصرك ؟ قال : ربي ، قال : أنا ؟ قال : لا ولكن ربي وربك الله ، قال : أولك رب غيري ؟ قال : نعم ، فلم يزل يعذبه حتى دل على الغلام ، فبعث إليه فقال : أي بني قد بلغ من سحرك أنك تبرئ الأكمه والأبرص وهذه الأدواء . فقال : ما أشفي أنا أحدا إنما يشفي الله ، قال : أنا ؟ قال : لا ، قال : أو لك رب غيري ؟ قال : نعم ربي وربك الله فأخذه أيضا بالعذاب ، فلم يزل به حتى دل على الراهب فأتى الراهب . فقال : ارجع عن دينك ، فأبى فوضع المنشار في مفرق رأسه حتى وقع شقاه إلى الأرض ، فقال للأعمى ارجع عن دينك فأبى فوضع المنشار في مفرق رأسه حتى وضع شقاه إلى الأرض فقال للغلام : ارجع عن دينك ، فأبى فبعث به مع نفر إلى جبل كذا وكذا ، وقال : إذا بلغتم ذروته فإن رجع عن دينه ، وإلا فاطرحوه من فوقه فذهبوا به ، فلما علوا به الجبل قال : اللهم اكفنيهم بما شئت ، فرجف بهم الجبل ، فتدهدهوا أجمعون . وجاء الغلام يمشي حتى دخل على الملك . فقال : ما فعل أصحابك ؟ فقال : كفانيهم الله . 
قال : فبعث به مع نفر في قرقور ، وقال : إذا لججتم به البحر ، فإن رجع عن دينه ، وإلا فغرقوه ، فلججوا به البحر ، فقال الغلام : اللهم اكفنيهم بما شئت ، فغرقوا أجمعون وجاء  [ ص: 176 ] الغلام يتلمس حتى دخل على الملك . فقال : ما فعل أصحابك ، فقال كفانيهم الله ، ثم قال للملك : إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك ، فإن أنت فعلت ما آمرك به قتلتني ، وإلا فإنك لن تستطيع قتلي ، قال : وما هو ؟ قال : تجمع الناس في صعيد ، ثم تصلبني على جذع فتأخذ سهما من كنانتي ، ثم قل : بسم الله رب الغلام فإنك إذا فعلت ما آمرك به قتلتني ، وإلا فإنك لن تستطيع قتلي ، ففعل ووضع السهم في كبد قوسه ثم رمى . فقال : بسم الله رب الغلام فوقع السهم في صدغه ، فوضع الغلام يده على موضع السهم ومات ، فقال الناس : آمنا برب الغلام ، فقيل للملك : أرأيت ما كنت تحذر قد والله نزل بك وقد آمن الناس كلهم ، فأمر بأفواه السكك فخدت فيها الأخدود ، وأضرمت فيها النيران ، وقال : من رجع عن دينه فدعوه وإلا فأقحموه فيها ، فكانوا يتقاعدون فيها ويتدافعون ، فجاءت امرأة بابن لها ترضعه ، فكأنها تقاعست أن تقع في النار ، فقال الصبي : يا أمه اصبري فإنك على الحق " .  
رواه  مسلم  في الصحيح ، عن هداب بن خالد ،  عن حماد ،  وقال في الموضعين :  " وجاء الغلام يمشي حتى دخل على الملك " . 
وقال :  " فانكفأت بهم السفينة فغرقوا " . 
ورواه  معمر ،  عن  ثابت  بإسناده وقال في آخره :  " فجعل يلقيهم في تلك الأخدود ، قال الله عز وجل : ( قتل أصحاب الأخدود  النار ذات الوقود   ) حتى بلغ ( العزيز الحميد   ) . 
وأما الغلام ، فإنه دفن فيذكر أنه خرج في زمان  عمر بن الخطاب  وإصبعه على صدغه كما وضعها حين قتل "  [ ص: 177 ] 
أخبرناه  أبو عبد الله الحافظ ،   (أنبأنا أبو عبد الله) الصنعاني ،  حدثنا  إسحاق بن إبراهيم ،  حدثنا  عبد الرزاق ،  أخبرنا  معمر ،  فذكره بمعناه يزيد وينقص قال  عبد الرزاق :   " والأخدود بنجران "   . 
				
						
						
