الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ 1402 ] أخبرنا أبو نصر بن قتادة ، حدثنا الإمام أبو سهل محمد بن سليمان إملاء ، حدثني أبو العباس محمد بن إسحاق السراج ، حدثنا قتيبة بن سعيد أبو رجاء الثقفي ، حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي ، عن ثابت ، عن أنس بن مالك : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يدخر شيئا لغد .

قال أبو نصر : قال الإمام أبو سهل رحمه الله : فإن قال قائل : " كان النبي صلى الله عليه وسلم يرجع إلى ملبس ومفرش ، وكان يعد للجمع ما يعده ، وكان له الدرع والسيف والقوس والفرس والبغل والحمار ، وكان ينبذ له بالعشي فيشربه بالغداة ، وكان ينبذ له بالغداة فيشربه بالعشي ، وكان يحبس لنسائه قوت سنة مما أفاء الله عز وجل عليه وكل هذا ادخار فكيف يسلم على هذه الأخبار هذا الخبر المأثور ؟ .

قال الأستاذ أبو سهل رحمه الله : " الرواية صحيحة وعلى حكم الدراية مستقيمة ، والتنافي عن هذه الرواية منصرف ، ووجه ذلك أنه كان يعامل فيما بينه وبين مولاه على [ ص: 66 ] حسن الظن ، والانتظار دون الحبس والادخار وكان لا يحتجز لنفسه ليومه من أمسه ، فأما ثيابه فإنما يعدها لدينه لا على إبقاء عليها لغده وهكذا آلات الحرب كان يحبسها لنصر الأولياء وكبت الأعداء على حكم الاستعمال مما تصدق به في حياته ، ولهذا قال : " إنا لا نورث ما تركناه صدقة " .

وأما ما كان ينبذ له فإنما نساؤه كن ينبذن له ما صار في ملكهن ويدهن تمليكا وتحويلا منه لهن وقد صح أنه لم يكن يدخر شيئا لغد فإن احتبس عنده شيء فلا على نية الغد وقيل : لا يدخر ملكا بل يدخر تمليكا .

وقيل : لم يكن يدخره على أمل البقاء إلى غد .

التالي السابق


الخدمات العلمية