الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ 1522 ] أخبرنا أبو الحسين محمد بن الفضل القطان ، أخبرنا أبو سهل بن زياد القطان ، حدثنا سعيد بن عثمان الأهوازي ، حدثنا عبد الله بن معاوية الجمحي ، وأخبرنا أبو نصر عمر بن عبد العزيز بن عمر بن قتادة ، أخبرنا أبو محمد يحيى بن منصور القاضي ، حدثنا أبو الفضل أحمد بن سلمة ، حدثنا عبد الله بن معاوية الجمحي ، حدثنا عبد العزيز بن مسلم القسملي ، حدثنا ضرار بن عمرو ، عن أبي رافع ، قال : وجه عمر بن الخطاب رضي الله عنه جيشا إلى الروم ، وفيهم رجل يقال له عبد الله بن حذافة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، فأسره الروم فذهبوا به إلى ملكهم ، فقالوا : إن هذا من أصحاب محمد ، فقال له الطاغية : هل لك أن تتنصر وأشركك في ملكي وسلطاني ؟ فقال له عبد الله : " لو أعطيتني جميع ما تملك ، وجميع ما ملكته العرب - وفي رواية القطان : وجميع مملكة العرب - على أن أرجع عن دين محمد صلى الله عليه وسلم طرفة عين ، ما فعلت " . قال : إذا أقتلك . قال : " أنت وذاك " . قال : فأمر به فصلب ، وقال للرماة : ارموه قريبا من يديه قريبا من رجليه وهو يعرض عليه ، وهو يأبى ، ثم أمر به فأنزل ، ثم دعا بقدر وصب فيها ماء حتى احترقت ، ثم دعا بأسيرين من المسلمين ، فأمر بأحدهما فألقي فيها ، وهو يعرض عليه النصرانية [ ص: 180 ] وهو يأبى ، ثم أمر به أن يلقى فيها ، فلما ذهب به بكى ، فقيل له : إنه بكى فظن أنه رجع .

فقال : ردوه فعرض عليه النصرانية فأبى ، قال : فما أبكاك ؟ قال : " أبكاني أني قلت هي نفس واحدة تلقى هذه الساعة في هذا القدر فتذهب ، فكنت أشتهي أن يكون بعدد كل شعرة في جسدي نفس تلقى هذا في الله عز وجل " ، قال الطاغية : هل لك أن تقبل رأسي وأخلي عنك ؟ قال عبد الله : " وعن جميع أسارى المسلمين ؟ قال : وعن جميع أسارى المسلمين .

قال عبد الله : " فقلت في نفسي عدو من أعداء الله أقبل رأسه ويخلي عني وعن أسارى المسلمين لا أبالي قال فدنا منه وقبل رأسه " ، فدفع إليه الأسارى ، فقدم بهم على عمر فأخبر عمر بخبره .

فقال : حق على كل مسلم أن يقبل رأس عبد الله بن حذافة ، وأنا أبدأ فقام عمر فقبل رأسه .

قال أحمد بن سلمة : " سألني عن هذا الحديث محمد بن مسلم ، ومحمد بن إدريس ، قالا لي : ما سمعنا بهذا الحديث قط " .

التالي السابق


الخدمات العلمية