الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ 1409 ] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو العباس بن يعقوب ، حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني ، حدثنا يونس بن محمد حدثنا ليث بن سعد ، عن يزيد بن الهاد ، عن [ ص: 75 ] عمرو بن أبي عمرو ، عن أنس ، قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " إني أول الناس تنشق الأرض عن جمجمتي يوم القيامة ولا فخر ، وأعطى لواء الحمد ولا فخر ، وأنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر ، وأنا أول من يدخل الجنة يوم القيامة ولا فخر " ثم ذكر حديث الشفاعة بطوله .

قال البيهقي رحمه الله : " ومعنى قوله : " ولا فخر " أي : لا أقول متطاولا ولا متبذخا به على أحد ، ولم يرد أنه لا فخر له فيه فإن له فخرا أعظم الفخر صلى الله عليه وسلم .

ومنها : أنه صلى الله عليه وسلم في الدنيا أكثر الأنبياء عليهم السلام أعلاما ، ومعلوم أن أقل الأعلام إذا كان يوجب الفضيلة فإن كثرة الأعلام توجب كثرة الفضيلة وكثرتها توجب لصاحبها اسم الأفضل .

وقد ذكر الحليمي رحمه الله من أعلام المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وآياته ودلالات صدقه أخبارا كثيرة قد ذكرناها بأسانيدها في كتاب دلائل النبوة من أرادها رجع إليه بتوفيق الله عز وجل .

قال : " ومما يدل على فضل نبينا صلى الله عليه وسلم ، أن الله جل ثناؤه لم يخاطبه في القرآن قط إلا بالنبي أو الرسول ولم يناده باسمه فقال : ( يا أيها النبي ) ، ( يا أيها الرسول ) .

وأما سائر الأنبياء عليهم السلام فإنه دعاهم بأسمائهم ، فقال تعالى : ( يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة ) .

وقال : ( يا آدم أنبئهم بأسمائهم ) .

وقال : ( يا إبراهيم أعرض عن هذا ) [ ص: 76 ]

وقال : ( يوسف أعرض عن هذا ) .

وقال : ( يا موسى إني أنا الله ) .

وقال : ( يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله ) .

وبسط الكلام في هذا .

ومما يدل على فضله صلى الله عليه وسلم ، ما ورد به الخبر من أن آدم صلى الله عليه وسلم يكنى في الجنة أبا محمد ، فلولا أنه أفضل النبيين لما خص عند القصد إلى أن يكنى باسم أحدهم اسم نبينا صلى الله عليه وسلم فكنى به دون اسم غيره وفي تخصيصه بذلك ما دل على أنه أفضلهم وأولاهم بأن يحمل آدم صلى الله عليه وسلم بأن يدعى أباه والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية