، ولا يجوز
nindex.php?page=treesubj&link=5603رهن المشاع فيما يقسم ، وما لا يقسم من جميع أصناف ما يرهن عندنا .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ( رحمه الله ) يجوز ; لأن المشاع عين يجوز بيعه ، فيجوز رهنه كالمقسوم ، وهذا ; لأن موجب الرهن استحقاق البيع في الدين ; لأن الرهن مشروع ; لصيانة حق المرتهن عن الضرر الذي يلحقه بمزاحمة سائر الغرماء ، فالمشروع وثائق منها : ما يؤمنه عن جحود المديون ، وذلك كالشهود ، ومنها : ما يؤمنه عن سياق الشهود ، وذلك الكتاب ، ومنها : ما يؤمنه عن التوى بإفلاس من عليه ، وذلك الكفالة والحوالة ، ومنها : ما يؤمنه عن إبراء بعض حقه بمزاحمة سائر الغرماء إياه بعد موت المديون ، وذلك : الرهن ، فإذا كان مشروعا لهذا النوع من الوثيقة كان المستحق به البيع في الدين ، فيختص بمحل يقبل البيع في الدين ، ثم القبض شرط تمام هذا ، والشيوع لا يمنع أصل القبض .
( ألا ترى ) : أن الشائع يصلح أن يكون رأس مال السلم ، وبدلا عن الصرف ، وبالإجماع : هبة المشاع - فيما لا يحتمل القسمة - تتم بالقبض ، وكذلك عندي : فيما يحتمل القسمة جائز ، ودوام يد المرتهن ليس بشرط لبقاء حكم الرهن ، فإنه بعد القبض لو أعاره من الراهن ، أو غصبه الراهن منه يبطل به الرهن ، وكان للمرتهن أن يشترطه ، ولا يجوز أن يدعى : أن موجب العقد اليد ; لأن بالعقود المشروعة إنما يستحق ما هو المقصود ، واليد ليست بمقصودة بنفسها بل للتصرف أو للانتفاع ، والمرتهن لا يتمكن منه بشيء من ذلك .
والدليل عليه : جواز رهن العين من رجلين بدين لهما عليه ، وإنما يكون رهنا من كل واحد منهما نصف العين ، وهذا على أصلكم أظهر حتى إذا هلك كان نصفه مضمونا بدين كل ، واحد منهما ، وإذا كان إيجاب البيع في العين لاثنين إيجابا لكل واحد منهما في النصف ، فكذلك الرهن ثم كل عقد جاز في جميع العين مع اثنين يجوز في نصفه مع الواحد كالبيع ، ولنا في المسألة الحالة طريقان : أحدهما : أن
nindex.php?page=treesubj&link=5603رهن النصف الشائع بمنزلة قوله : رهنتك هذا العير يوما ، ويوما لا ، وذلك لا يجوز فهذه مسألة ، وبيانه أن موجب عقد الرهن دوام يد المرتهن عليه من وقت العقد إلى وقت انفكاكه ، وذلك لا يتحقق مع الشيوع ; لأنه يحتاج إلى المهايأة مع المالك في الإمساك ، فينتفع المالك به يوما بحكم الملك ، ويحفظه المرتهن يوما بحكم الرهن ، فهو بمنزلة قوله : رهنتك يوما ويوما لا ; لأنه ينعدم استحقاق اليد للمرتهن في يوم الراهن ، وكان ذلك سببا يقترن بالعقد ، وهو الشيوع ، ومتى اقترن بالعقد ما يمنع موجبه لم يصح العقد .
والدليل على أن دوام اليد موجب العقد قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=283فرهان مقبوضة } هذا يقتضي
[ ص: 70 ] أن لا يكون مرهونا إلا في حال يكون مقبوضا فيه ، ولأن المقصود بالرهن ضمان حق المرتهن عن التوى لجحود منه عليه فنقل الحكم من الكتاب ، والشهود إلى الرهن ، فيكون المقصود بالمنقول إليه ما هو المقصود بالمنقول عنه ، وذلك لا يحصل إلا بدوام اليد عليه ; لأنه إذا عاد إلى يد الراهن ربما يجحد الرهن ، والدين جميعا ، وكذلك المقصود إلجاء الراهن ليسارع إلى قضاء الدين ، وإنما يحصل هذا المقصود بدوام يد المرتهن عليه .
والدليل عليه : أن المرهون إذا كان شيئا لا ينتفع به مع بقاء عينه فللمرتهن أن يحبسه عند إطلاق العقد ، ولو لم يكن دوام اليد موجب العقد ما كان له أن يحبسه ; لأن الراهن يقول : " أنا أشفق على ملكي منك ، وحقك البيع في الدين ، ولا يفوت ذلك عليك بيدي " ، وحيث كان المرتهن أحق بإمساكه عرفنا أن دوام اليد موجب هذا العقد ، ولسنا نعني : وجود يد المرتهن حينا ، وإنما نعني : استحقاق دوام اليد ، وبالإعادة من الراهن أو الغصب لا ينعدم الاستحقاق ، فلهذا لا يبطل منه الرهن ، وفي الرهن من رجلين استحقاق دوام اليد ثابت لكل ، واحد منهما في جميع العين حتى إذا قضى جميع دين أحدهما يكون للآخر حبس جميع الرهن حتى يستوفي دينه ، وكما يجوز أن يكون الواحد محبوسا بدين اثنين لا يكون جميعه محبوسا بدين واحد منهما ، فكذلك حبس العين بحكم الرهن ثم اليد مستحقة على الراهن هناك ، ولا يكون له حق إعادة شيء من العين إلى يده ما لم يقبض الدين ، والعقد بهذا يتم ، وإن لم يكن لكل ، واحد منهما حق التعذر بإمساك العين كما لو
nindex.php?page=treesubj&link=5679شرط أن يكون الرهن على يدي عدل يجوز العقد لاستحقاق اليد على الراهن ، وإن لم يكن للمرتهن حق إثبات اليد عليه في شيء من المدة ، وللمالك فيما له ملك العين ، والمنفعة ، واليد فكما يجوز أن يوجب له ملك العين أو المنفعة يجوز أن يوجب له ملك اليد مقصودة ، وذلك بعقد الرهن ، وهذا ; لأن اليد مقصودة .
( ألا ترى ) أن الغاصب يضمنه بتفويت اليد كما يضمن المتلف بإتلاف العين ، وإذا كان باليد يتوصل إلى التصرف ، والانتفاع كانت اليد مقصودة بالطريق الآخر ، إذ موجب عقد الرهن ثبوت يد الاستيفاء للمرتهن على ما بيناه ، ومنه جانب الاستيفاء في الجزء الشائع لا يتحقق ; لأن اليد حقيقة لا تثبت إلا على جزء معين
nindex.php?page=treesubj&link=5603، وإذا كان المرهون جزءا شائعا لو ثبت حكم الرهن ، إنما يكون عند التخلي لجميع العين أو عند نقل جميع العين حقيقة ، ونصف العين ليس بمعقود عليه ، وإذا كان موجب العقد لا يتحقق إلا باعتبار ما ليس بمعقود عليه لا ينعقد العقد أصلا كما لو استأجر أحد زوجي المقراض ; لمنعه قرض الثياب ، وبهذا تبين أن العين - فيما هو
[ ص: 71 ] موجب الرهن - غير محتمل للتجزي ، وعند إضافة العقد إلى نصفه لم يثبت في كله فيبطل العقد أصلا لتعذر أسباب موجبه في النصف كالمرأة في حكم الحلي لما كانت لا تجزأ ، فإذا أضيف النكاح إلى نصفها بطل عند الخصم ، وعندنا : يثبت في الكل ، وهذا بخلاف الرهن من رجلين ; لأن موجب العقد هناك ، وهو يد الاستيفاء ثبت في جميع المحل غير متجزئ ثم حكم التجزؤ يثبت بين المرتهنين عند تمام الاستيفاء بالهلاك للمزاحمة ، وبه لا يظهر التجزؤ في المحل .
( ألا ترى ) أن نصف العين لا يستحق قصاصا ثم يجب القصاص لاثنين في نفس واحدة ، ويكون كل واحد منهما مستوفيا للنصف عند العقل باعتبار أن لا يظهر حكم التجزؤ في القصاص فكذلك فيما نحن فيه فإن قيل : كيف يستقيم هذا ، والشرع لا يمنع الاستيفاء حقيقة ؟ فإن من كان له على غيره عشرة فدفع إليه المديون كيسا فيه عشرون درهما ليستوفي حقه منه يصير مستوفيا حقه من النصف شائعا ، وإذا كان الشيوع لا يمنع حقيقة الاستيفاء ، فكيف يمنع ثبوت يد الاستيفاء قلنا : موجب حقيقة الاستيفاء ملك عين المستوفى ، واليد هي على الملك ، والشيوع ، ولا يمنع الملك فيما هو الموجب يمكن إثباته في الجزء الشائع هناك ، وموجب الرهن يد الاستيفاء فقط ، وذلك لا يتحقق في الجزء الشائع ، وبهذا الطريق كان مستوفيا في حكم الرهن عما يحتمل القسمة ، وعما لا يحتمل القسمة بخلاف الهبة ، فإن موجب العقد هناك الملك ، والقبض شرط تمام ذلك العقد فيراعى وجوده في كل محل بحسب الإمكان ، ولهذا لا يجوز
nindex.php?page=treesubj&link=5603رهن المشاع من الشريك هنا ; لأن موجب العقد لا يتحقق فيما أضيف إليه العقد سواء كان العقد مع الشريك أو مع الأجنبي بخلاف الإجارة عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ( رحمه الله ) فالشيوع هناك إنما يؤثر لا ; لأن موجب العقد ينعدم به بل ; لأنه يتقرر استيفاء المعقود عليه على الوجه الذي أوجبه العقد ; لأن استيفاء المنفعة يكون من جزء معين ، وذلك لا يوجد في الإجارة من الشريك ، فإنه يستوفي منفعة الكل ، فيكون مستوفيا منفعة ما استأجر ، لا على الوجه الذي استحقه ، وإن كان لا يمكن استيفاء المعقود عليه إلا بما يتناوله العقد لا يمنع جواز العقد كبيع الرهن ، فإنه استيفاء لا يمكن إلا بالوعاء ، ولا تمنع به صحة العقد ، وعلى هذا قلنا
nindex.php?page=treesubj&link=25155إذا استحق نصف المرهون من يد المرتهن بطل الرهن في الكل .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16330ابن أبي ليلى ( رحمه الله ) : على الرهن في النصف الآخر ; لأن العقد صح في الآلة في جميع العين فإن كون الملك بغير الراهن لا يمنع صحة الرهن ، وثبوت موجبه ، كما لو استعار منه غيره بيتا ليرهنه بدين ثم بطل حكم العقد في البعض ; لانعدام الرضا من المالك به فيبقى صحيحا فيما
[ ص: 72 ] بقي كما لو استحق نصف المبيع ، ولكنا نقول العقد في المستحق يبطل منه الأصل ; لانعدام الرضا من المالك به فلو صح في النصف الآخر لكان هذا إثبات حكم الرهن في النصف شائعا ، والنصف الشائع ليس بمحل موجب الرهن ، وهو نظير ما لو تزوج أمة بإذن مولاها فاستحق نصفها ، ولم يجز المستحق النكاح بطل النكاح في الكل ; لهذا المعنى فأما الشيوع الطارئ : بأن
nindex.php?page=treesubj&link=5605رهن جميع العين ثم تفاسخا فالعقد ليس بمحل موجب الرهن ، وهو نظير ما لو تزوج أمة في النصف ورده المرتهن لم يذكر جوابه في الكتاب نصا ، والصحيح أن الشيوع الطارئ كالمقارن في أنه مبطل للرهن ، فإنه قال في القلب المكسور : إذا ملك المرتهن البعض بالضمان يتعين ذلك القدر مما بقي منه مرهونا ; كي لا يؤدي إلى الشيوع ، وقالوا في
nindex.php?page=treesubj&link=5605_5679_5589العدل إذا سلط على بيع الرهن كيف شاء فباع نصفه يبطل الرهن في النصف الباقي ، لما بينا أن الجزء الشائع لا يكون محلا بخلاف الشيوع الطارئ في الهبة ، والقبض هناك شرط تمام العقد ، وليس شرط بقاء العقد ، وتأثير الشيوع في المنع منه تمام التبعيض ، وذكر سماعا أن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبا يوسف ( رحمه الله ) رجع عن هذه ، وقال : الشيوع الطارئ لا يمنع بقاء حكم الرهن بخلاف المقارن ، وقاس ذلك بصيرورة المرهون دينا في ذمة غير المرتهن ، فإنه يمنع ابتداء الرهن ، ولا يمنع بقاءه حتى إذا أتلف المرهون إنسانا ، ووضع المرهون ثمنه تكون القيمة ، والثمن رهنا في ذمة من عليه ، وابتداء عقد الرهن مضافا إلى دين في الذمة لا يجوز ، فكذلك الجزء الشائع
، وَلَا يَجُوزُ
nindex.php?page=treesubj&link=5603رَهْنُ الْمُشَاعِ فِيمَا يُقْسَمُ ، وَمَا لَا يُقْسَمُ مِنْ جَمِيعِ أَصْنَافِ مَا يُرْهَنُ عِنْدَنَا .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ ( رَحِمَهُ اللَّهُ ) يَجُوزُ ; لِأَنَّ الْمُشَاعَ عَيْنٌ يَجُوزُ بَيْعُهُ ، فَيَجُوزُ رَهْنُهُ كَالْمَقْسُومِ ، وَهَذَا ; لِأَنَّ مُوجَبَ الرَّهْنِ اسْتِحْقَاقُ الْبَيْعِ فِي الدَّيْنِ ; لِأَنَّ الرَّهْنَ مَشْرُوعٌ ; لِصِيَانَةِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ عَنْ الضَّرَرِ الَّذِي يَلْحَقُهُ بِمُزَاحَمَةِ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ ، فَالْمَشْرُوعُ وَثَائِقُ مِنْهَا : مَا يُؤَمِّنُهُ عَنْ جُحُودِ الْمَدْيُونِ ، وَذَلِكَ كَالشُّهُودِ ، وَمِنْهَا : مَا يُؤَمِّنُهُ عَنْ سِيَاقِ الشُّهُودِ ، وَذَلِكَ الْكِتَابُ ، وَمِنْهَا : مَا يُؤَمِّنُهُ عَنْ التَّوَى بِإِفْلَاسِ مَنْ عَلَيْهِ ، وَذَلِكَ الْكَفَالَةُ وَالْحَوَالَةُ ، وَمِنْهَا : مَا يُؤَمِّنُهُ عَنْ إبْرَاءِ بَعْضِ حَقِّهِ بِمُزَاحَمَةِ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ إيَّاهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمَدْيُونِ ، وَذَلِكَ : الرَّهْنُ ، فَإِذَا كَانَ مَشْرُوعًا لِهَذَا النَّوْعِ مِنْ الْوَثِيقَةِ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ بِهِ الْبَيْعَ فِي الدَّيْنِ ، فَيَخْتَصُّ بِمَحِلٍّ يَقْبَلُ الْبَيْعَ فِي الدَّيْنِ ، ثُمَّ الْقَبْضُ شَرْطُ تَمَامِ هَذَا ، وَالشُّيُوعُ لَا يَمْنَعُ أَصْلَ الْقَبْضِ .
( أَلَا تَرَى ) : أَنَّ الشَّائِعَ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ ، وَبَدَلًا عَنْ الصَّرْفِ ، وَبِالْإِجْمَاعِ : هِبَةُ الْمُشَاعِ - فِيمَا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ - تَتِمُّ بِالْقَبْضِ ، وَكَذَلِكَ عِنْدِي : فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ جَائِزٌ ، وَدَوَامُ يَدِ الْمُرْتَهِنِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِبَقَاءِ حُكْمِ الرَّهْنِ ، فَإِنَّهُ بَعْدَ الْقَبْضِ لَوْ أَعَارَهُ مِنْ الرَّاهِنِ ، أَوْ غَصَبَهُ الرَّاهِنُ مِنْهُ يَبْطُلُ بِهِ الرَّهْنُ ، وَكَانَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَشْتَرِطَهُ ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُدَّعَى : أَنَّ مُوجَبَ الْعَقْدِ الْيَدُ ; لِأَنَّ بِالْعُقُودِ الْمَشْرُوعَةِ إنَّمَا يُسْتَحَقُّ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ ، وَالْيَدُ لَيْسَتْ بِمَقْصُودَةٍ بِنَفْسِهَا بَلْ لِلتَّصَرُّفِ أَوْ لِلِانْتِفَاعِ ، وَالْمُرْتَهِنُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْهُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ .
وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ : جَوَازُ رَهْنِ الْعَيْنِ مِنْ رَجُلَيْنِ بِدَيْنٍ لَهُمَا عَلَيْهِ ، وَإِنَّمَا يَكُونُ رَهْنًا مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ الْعَيْنِ ، وَهَذَا عَلَى أَصْلِكُمْ أَظْهَرُ حَتَّى إذَا هَلَكَ كَانَ نِصْفُهُ مَضْمُونًا بِدَيْنِ كُلِّ ، وَاحِدٍ مِنْهُمَا ، وَإِذَا كَانَ إيجَابُ الْبَيْعِ فِي الْعَيْنِ لِاثْنَيْنِ إيجَابًا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي النِّصْفِ ، فَكَذَلِكَ الرَّهْنُ ثُمَّ كُلُّ عَقْدٍ جَازَ فِي جَمِيعِ الْعَيْنِ مَعَ اثْنَيْنِ يَجُوزُ فِي نِصْفِهِ مَعَ الْوَاحِدِ كَالْبَيْعِ ، وَلَنَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْحَالَّةِ طَرِيقَانِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=5603رَهْنَ النِّصْفِ الشَّائِعِ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ : رَهَنْتُكَ هَذَا الْعِيرَ يَوْمًا ، وَيَوْمًا لَا ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ فَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ ، وَبَيَانُهُ أَنَّ مُوجَبَ عَقْدِ الرَّهْنِ دَوَامُ يَدِ الْمُرْتَهِنِ عَلَيْهِ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ إلَى وَقْتِ انْفِكَاكِهِ ، وَذَلِكَ لَا يَتَحَقَّقُ مَعَ الشُّيُوعِ ; لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى الْمُهَايَأَةِ مَعَ الْمَالِكِ فِي الْإِمْسَاكِ ، فَيَنْتَفِعُ الْمَالِكُ بِهِ يَوْمًا بِحُكْمِ الْمِلْكِ ، وَيَحْفَظُهُ الْمُرْتَهِنُ يَوْمًا بِحُكْمِ الرَّهْنِ ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ : رَهَنْتُكَ يَوْمًا وَيَوْمًا لَا ; لِأَنَّهُ يَنْعَدِمُ اسْتِحْقَاقُ الْيَدِ لِلْمُرْتَهِنِ فِي يَوْمِ الرَّاهِنِ ، وَكَانَ ذَلِكَ سَبَبًا يَقْتَرِنُ بِالْعَقْدِ ، وَهُوَ الشُّيُوعُ ، وَمَتَى اقْتَرَنَ بِالْعَقْدِ مَا يَمْنَعُ مُوجَبَهُ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ .
وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ دَوَامَ الْيَدِ مُوجَبُ الْعَقْدِ قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=283فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ } هَذَا يَقْتَضِي
[ ص: 70 ] أَنْ لَا يَكُونَ مَرْهُونًا إلَّا فِي حَالٍ يَكُونُ مَقْبُوضًا فِيهِ ، وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالرَّهْنِ ضَمَانُ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ عَنْ التَّوَى لِجُحُودٍ مِنْهُ عَلَيْهِ فَنُقِلَ الْحُكْمُ مِنْ الْكِتَابِ ، وَالشُّهُودِ إلَى الرَّهْنِ ، فَيَكُونُ الْمَقْصُودُ بِالْمَنْقُولِ إلَيْهِ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ بِالْمَنْقُولِ عَنْهُ ، وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِدَوَامِ الْيَدِ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ إذَا عَادَ إلَى يَدِ الرَّاهِنِ رُبَّمَا يَجْحَدُ الرَّهْنَ ، وَالدَّيْنَ جَمِيعًا ، وَكَذَلِكَ الْمَقْصُودُ إلْجَاءُ الرَّاهِنِ لِيُسَارِعَ إلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ ، وَإِنَّمَا يَحْصُلُ هَذَا الْمَقْصُودُ بِدَوَامِ يَدِ الْمُرْتَهِنِ عَلَيْهِ .
وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ : أَنَّ الْمَرْهُونَ إذَا كَانَ شَيْئًا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ فَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَحْبِسَهُ عِنْدَ إطْلَاقِ الْعَقْدِ ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ دَوَامُ الْيَدِ مُوجَبَ الْعَقْدِ مَا كَانَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَهُ ; لِأَنَّ الرَّاهِنَ يَقُولُ : " أَنَا أَشْفَقُ عَلَى مُلْكِي مِنْكَ ، وَحَقُّكَ الْبَيْعُ فِي الدَّيْنِ ، وَلَا يَفُوتُ ذَلِكَ عَلَيْكَ بِيَدِي " ، وَحَيْثُ كَانَ الْمُرْتَهِنُ أَحَقَّ بِإِمْسَاكِهِ عَرَفْنَا أَنَّ دَوَامَ الْيَدِ مُوجَبُ هَذَا الْعَقْدِ ، وَلَسْنَا نَعْنِي : وُجُودَ يَدِ الْمُرْتَهِنِ حِينًا ، وَإِنَّمَا نَعْنِي : اسْتِحْقَاقَ دَوَامِ الْيَدِ ، وَبِالْإِعَادَةِ مِنْ الرَّاهِنِ أَوْ الْغَصْبِ لَا يَنْعَدِمُ الِاسْتِحْقَاقُ ، فَلِهَذَا لَا يَبْطُلُ مِنْهُ الرَّهْنُ ، وَفِي الرَّهْنِ مِنْ رَجُلَيْنِ اسْتِحْقَاقُ دَوَامِ الْيَدِ ثَابِتٌ لِكُلِّ ، وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي جَمِيعِ الْعَيْنِ حَتَّى إذَا قَضَى جَمِيعَ دَيْنِ أَحَدِهِمَا يَكُونُ لِلْآخَرِ حَبْسُ جَمِيعِ الرَّهْنِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ دَيْنَهُ ، وَكَمَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْوَاحِدُ مَحْبُوسًا بِدَيْنِ اثْنَيْنِ لَا يَكُونُ جَمِيعُهُ مَحْبُوسًا بِدَيْنٍ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ، فَكَذَلِكَ حَبْسُ الْعَيْنِ بِحُكْمِ الرَّهْنِ ثُمَّ الْيَدُ مُسْتَحَقَّةٌ عَلَى الرَّاهِنِ هُنَاكَ ، وَلَا يَكُونُ لَهُ حَقُّ إعَادَةِ شَيْءٍ مِنْ الْعَيْنِ إلَى يَدِهِ مَا لَمْ يَقْبِضْ الدَّيْنَ ، وَالْعَقْدُ بِهَذَا يَتِمُّ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِكُلِّ ، وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَقُّ التَّعَذُّرِ بِإِمْسَاكِ الْعَيْنِ كَمَا لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=5679شَرَطَ أَنْ يَكُونَ الرَّهْنُ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ يَجُوزُ الْعَقْدُ لِاسْتِحْقَاقِ الْيَدِ عَلَى الرَّاهِنِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُرْتَهِنِ حَقُّ إثْبَاتِ الْيَدِ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْمُدَّةِ ، وَلِلْمَالِكِ فِيمَا لَهُ مِلْكُ الْعَيْنِ ، وَالْمَنْفَعَةِ ، وَالْيَدِ فَكَمَا يَجُوزُ أَنْ يُوجِبَ لَهُ مِلْكَ الْعَيْنِ أَوْ الْمَنْفَعَةِ يَجُوزُ أَنْ يُوجِبَ لَهُ مِلْكَ الْيَدِ مَقْصُودَةً ، وَذَلِكَ بِعَقْدِ الرَّهْنِ ، وَهَذَا ; لِأَنَّ الْيَدَ مَقْصُودَةٌ .
( أَلَا تَرَى ) أَنَّ الْغَاصِبَ يَضْمَنُهُ بِتَفْوِيتِ الْيَدِ كَمَا يَضْمَنُ الْمُتْلِفُ بِإِتْلَافِ الْعَيْنِ ، وَإِذَا كَانَ بِالْيَدِ يَتَوَصَّلُ إلَى التَّصَرُّفِ ، وَالِانْتِفَاعِ كَانَتْ الْيَدُ مَقْصُودَةً بِالطَّرِيقِ الْآخَرِ ، إذْ مُوجَبُ عَقْدِ الرَّهْنِ ثُبُوتُ يَدِ الِاسْتِيفَاءِ لِلْمُرْتَهِنِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ ، وَمِنْهُ جَانِبُ الِاسْتِيفَاءِ فِي الْجُزْءِ الشَّائِعِ لَا يَتَحَقَّقُ ; لِأَنَّ الْيَدَ حَقِيقَةٌ لَا تَثْبُتُ إلَّا عَلَى جُزْءٍ مُعَيَّنٍ
nindex.php?page=treesubj&link=5603، وَإِذَا كَانَ الْمَرْهُونُ جُزْءًا شَائِعًا لَوْ ثَبَتَ حُكْمُ الرَّهْنِ ، إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ التَّخَلِّي لِجَمِيعِ الْعَيْنِ أَوْ عِنْدَ نَقْلِ جَمِيعِ الْعَيْنِ حَقِيقَةً ، وَنِصْفُ الْعَيْنِ لَيْسَ بِمَعْقُودٍ عَلَيْهِ ، وَإِذَا كَانَ مُوجَبُ الْعَقْدِ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِاعْتِبَارِ مَا لَيْسَ بِمَعْقُودٍ عَلَيْهِ لَا يَنْعَقِدُ الْعَقْدُ أَصْلًا كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدَ زَوْجَيْ الْمِقْرَاضِ ; لِمَنْعِهِ قَرْضَ الثِّيَابِ ، وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّ الْعَيْنَ - فِيمَا هُوَ
[ ص: 71 ] مُوجَبُ الرَّهْنِ - غَيْرُ مُحْتَمَلٍ لِلتَّجَزِّي ، وَعِنْدَ إضَافَةِ الْعَقْدِ إلَى نِصْفِهِ لَمْ يَثْبُتْ فِي كُلِّهِ فَيَبْطُلُ الْعَقْدُ أَصْلًا لِتَعَذُّرِ أَسْبَابِ مُوجَبِهِ فِي النِّصْفِ كَالْمَرْأَةِ فِي حُكْمِ الْحُلِيِّ لَمَّا كَانَتْ لَا تُجَزَّأُ ، فَإِذَا أُضِيفَ النِّكَاحُ إلَى نِصْفِهَا بَطَلَ عِنْدَ الْخَصْمِ ، وَعِنْدَنَا : يَثْبُتُ فِي الْكُلِّ ، وَهَذَا بِخِلَافِ الرَّهْنِ مِنْ رَجُلَيْنِ ; لِأَنَّ مُوجَبَ الْعَقْدِ هُنَاكَ ، وَهُوَ يَدُ الِاسْتِيفَاءِ ثَبَتَ فِي جَمِيعِ الْمَحِلِّ غَيْرَ مُتَجَزِّئٍ ثُمَّ حُكْمُ التَّجَزُّؤِ يَثْبُتُ بَيْنَ الْمُرْتَهِنِينَ عِنْدَ تَمَامِ الِاسْتِيفَاءِ بِالْهَلَاكِ لِلْمُزَاحَمَةِ ، وَبِهِ لَا يَظْهَرُ التَّجَزُّؤُ فِي الْمَحِلِّ .
( أَلَا تَرَى ) أَنَّ نِصْفَ الْعَيْنِ لَا يَسْتَحِقُّ قِصَاصًا ثُمَّ يَجِبُ الْقِصَاصُ لِاثْنَيْنِ فِي نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ، وَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُسْتَوْفِيًا لِلنِّصْفِ عِنْدَ الْعَقْلِ بِاعْتِبَارِ أَنْ لَا يَظْهَرَ حُكْمُ التَّجَزُّؤِ فِي الْقِصَاصِ فَكَذَلِكَ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ فَإِنْ قِيلَ : كَيْفَ يَسْتَقِيمُ هَذَا ، وَالشَّرْعُ لَا يَمْنَعُ الِاسْتِيفَاءَ حَقِيقَةً ؟ فَإِنَّ مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ عَشَرَةٌ فَدَفَعَ إلَيْهِ الْمَدْيُونُ كِيسًا فِيهِ عِشْرُونَ دِرْهَمًا لِيَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ مِنْهُ يَصِيرُ مُسْتَوْفِيًا حَقَّهُ مِنْ النِّصْفِ شَائِعًا ، وَإِذَا كَانَ الشُّيُوعُ لَا يَمْنَعُ حَقِيقَةَ الِاسْتِيفَاءِ ، فَكَيْفَ يَمْنَعُ ثُبُوتَ يَدِ الِاسْتِيفَاءِ قُلْنَا : مُوجَبُ حَقِيقَةِ الِاسْتِيفَاءِ مِلْكُ عَيْنِ الْمُسْتَوْفَى ، وَالْيَدُ هِيَ عَلَى الْمِلْكِ ، وَالشُّيُوعِ ، وَلَا يَمْنَعُ الْمِلْكُ فِيمَا هُوَ الْمُوجَبُ يُمْكِنُ إثْبَاتُهُ فِي الْجُزْءِ الشَّائِعِ هُنَاكَ ، وَمُوجَبُ الرَّهْنِ يَدُ الِاسْتِيفَاءِ فَقَطْ ، وَذَلِكَ لَا يَتَحَقَّقُ فِي الْجُزْءِ الشَّائِعِ ، وَبِهَذَا الطَّرِيقِ كَانَ مُسْتَوْفِيًا فِي حُكْمِ الرَّهْنِ عَمَّا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ ، وَعَمَّا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ بِخِلَافِ الْهِبَةِ ، فَإِنَّ مُوجَبَ الْعَقْدِ هُنَاكَ الْمِلْكُ ، وَالْقَبْضُ شَرْطُ تَمَامِ ذَلِكَ الْعَقْدِ فَيُرَاعَى وُجُودُهُ فِي كُلِّ مَحِلٍّ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ ، وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ
nindex.php?page=treesubj&link=5603رَهْنُ الْمُشَاعِ مِنْ الشَّرِيكِ هُنَا ; لِأَنَّ مُوجَبَ الْعَقْدِ لَا يَتَحَقَّقُ فِيمَا أُضِيفَ إلَيْهِ الْعَقْدُ سَوَاءٌ كَانَ الْعَقْدُ مَعَ الشَّرِيكِ أَوْ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ ( رَحِمَهُ اللَّهُ ) فَالشُّيُوعُ هُنَاكَ إنَّمَا يُؤْثَرُ لَا ; لِأَنَّ مُوجَبَ الْعَقْدِ يَنْعَدِمُ بِهِ بَلْ ; لِأَنَّهُ يَتَقَرَّرُ اسْتِيفَاءُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أَوْجَبَهُ الْعَقْدُ ; لِأَنَّ اسْتِيفَاءَ الْمَنْفَعَةِ يَكُونُ مِنْ جُزْءٍ مُعَيَّنٍ ، وَذَلِكَ لَا يُوجَدُ فِي الْإِجَارَةِ مِنْ الشَّرِيكِ ، فَإِنَّهُ يَسْتَوْفِي مَنْفَعَةَ الْكُلِّ ، فَيَكُونُ مُسْتَوْفِيًا مَنْفَعَةَ مَا اسْتَأْجَرَ ، لَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي اسْتَحَقَّهُ ، وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ إلَّا بِمَا يَتَنَاوَلُهُ الْعَقْدُ لَا يَمْنَعُ جَوَازَ الْعَقْدِ كَبَيْعِ الرَّهْنِ ، فَإِنَّهُ اسْتِيفَاءٌ لَا يُمْكِنُ إلَّا بِالْوِعَاءِ ، وَلَا تُمْنَعُ بِهِ صِحَّةُ الْعَقْدِ ، وَعَلَى هَذَا قُلْنَا
nindex.php?page=treesubj&link=25155إذَا اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْمَرْهُونِ مِنْ يَدِ الْمُرْتَهِنِ بَطَلَ الرَّهْنُ فِي الْكُلِّ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16330ابْنُ أَبِي لَيْلَى ( رَحِمَهُ اللَّهُ ) : عَلَى الرَّهْنِ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ ; لِأَنَّ الْعَقْدَ صَحَّ فِي الْآلَةِ فِي جَمِيعِ الْعَيْنِ فَإِنَّ كَوْنَ الْمِلْكِ بِغَيْرِ الرَّاهِنِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الرَّهْنِ ، وَثُبُوتَ مُوجِبِهِ ، كَمَا لَوْ اسْتَعَارَ مِنْهُ غَيْرُهُ بَيْتًا لِيَرْهَنَهُ بِدَيْنٍ ثُمَّ بَطَلَ حُكْمُ الْعَقْدِ فِي الْبَعْضِ ; لِانْعِدَامِ الرِّضَا مِنْ الْمَالِكِ بِهِ فَيَبْقَى صَحِيحًا فِيمَا
[ ص: 72 ] بَقِيَ كَمَا لَوْ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْمَبِيعِ ، وَلَكِنَّا نَقُولُ الْعَقْدُ فِي الْمُسْتَحَقِّ يَبْطُلُ مِنْهُ الْأَصْلُ ; لِانْعِدَامِ الرِّضَا مِنْ الْمَالِكِ بِهِ فَلَوْ صَحَّ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ لَكَانَ هَذَا إثْبَاتَ حُكْمِ الرَّهْنِ فِي النِّصْفِ شَائِعًا ، وَالنِّصْفُ الشَّائِعُ لَيْسَ بِمَحِلِّ مُوجَبِ الرَّهْنِ ، وَهُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ تَزَوَّجَ أَمَةً بِإِذْنِ مَوْلَاهَا فَاسْتَحَقَّ نِصْفَهَا ، وَلَمْ يُجِزْ الْمُسْتَحِقُّ النِّكَاحَ بَطَلَ النِّكَاحُ فِي الْكُلِّ ; لِهَذَا الْمَعْنَى فَأَمَّا الشُّيُوعُ الطَّارِئُ : بِأَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=5605رَهَنَ جَمِيعَ الْعَيْنِ ثُمَّ تَفَاسَخَا فَالْعَقْدُ لَيْسَ بِمَحِلِّ مُوجَبِ الرَّهْنِ ، وَهُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ تَزَوَّجَ أَمَةً فِي النِّصْفِ وَرَدَّهُ الْمُرْتَهِنُ لَمْ يُذْكَرْ جَوَابُهُ فِي الْكِتَابِ نَصًّا ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ الشُّيُوعَ الطَّارِئَ كَالْمُقَارَنِ فِي أَنَّهُ مُبْطِلٌ لِلرَّهْنِ ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْقَلْبِ الْمَكْسُورِ : إذَا مَلَكَ الْمُرْتَهِنُ الْبَعْضَ بِالضَّمَانِ يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ الْقَدْرُ مِمَّا بَقِيَ مِنْهُ مَرْهُونًا ; كَيْ لَا يُؤَدِّيَ إلَى الشُّيُوعِ ، وَقَالُوا فِي
nindex.php?page=treesubj&link=5605_5679_5589الْعَدْلِ إذَا سُلِّطَ عَلَى بَيْعِ الرَّهْنِ كَيْفَ شَاءَ فَبَاعَ نِصْفَهُ يَبْطُلُ الرَّهْنُ فِي النِّصْفِ الْبَاقِي ، لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ الْجُزْءَ الشَّائِعَ لَا يَكُونُ مَحِلًّا بِخِلَافِ الشُّيُوعِ الطَّارِئِ فِي الْهِبَةِ ، وَالْقَبْضُ هُنَاكَ شَرْطُ تَمَامِ الْعَقْدِ ، وَلَيْسَ شَرْطَ بَقَاءِ الْعَقْدِ ، وَتَأْثِيرُ الشُّيُوعِ فِي الْمَنْعِ مِنْهُ تَمَامُ التَّبْعِيضِ ، وَذُكِرَ سَمَاعًا أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبَا يُوسُفَ ( رَحِمَهُ اللَّهُ ) رَجَعَ عَنْ هَذِهِ ، وَقَالَ : الشُّيُوعُ الطَّارِئُ لَا يَمْنَعُ بَقَاءَ حُكْمِ الرَّهْنِ بِخِلَافِ الْمُقَارَنِ ، وَقَاسَ ذَلِكَ بِصَيْرُورَةِ الْمَرْهُونِ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ غَيْرِ الْمُرْتَهِنِ ، فَإِنَّهُ يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ الرَّهْنِ ، وَلَا يَمْنَعُ بَقَاءَهُ حَتَّى إذَا أَتْلَفَ الْمَرْهُونُ إنْسَانًا ، وَوُضِعَ الْمَرْهُونُ ثَمَنَهُ تَكُونُ الْقِيمَةُ ، وَالثَّمَنُ رَهْنًا فِي ذِمَّةِ مَنْ عَلَيْهِ ، وَابْتِدَاءُ عَقْدِ الرَّهْنِ مُضَافًا إلَى دَيْنٍ فِي الذِّمَّةِ لَا يَجُوزُ ، فَكَذَلِكَ الْجُزْءُ الشَّائِعُ