الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو كانا شريكي عنان فرهنا جميعا رهنا لم يكن لأحدهما أن ينقضه دون صاحبه ; لأنهما كالأجنبي في نقض كل واحد منهما الرهن في نصيب صاحبه فإن شركة العنان لا تتضمن إلا الوكالة بالبيع والشراء ، وفيما سوى ذلك كل واحد منهما في حق صاحبه ينزل منزلة الأجنبي فإن نقضه ، وقبضه ، فهلك عنده كان المرتهن ضامنا لحصة الذي لم ينتقض ; لأنه صار مخالفا برد حصته على الآخر ، ويرجع عليهما بماله ويرجع بنصف القيمة التي ضمن على الذي قبض منه الرهن ; لأن القابض منه لا يرده عليه بمنزلة غاصب الغاصب في حقه ، والغاصب الأول إذا ضمن رجع بما ضمن على الغاصب الثاني ، فهذا مثله قال عيسى : هذا خطأ ، والصواب أن لا يرجع [ ص: 167 ] المرتهن بما ضمن على القابض ; لأنه هو الذي سلمه إليه مع علمه أنه ليس بمالك له ، فهو في حقه كمودع الغاصب ، فإذا ملك الغاصب بالضمان كان مسلما ملك نفسه إلى الأجنبي طوعا ، وقد هلك في يد القابض من غير فعله فلا ضمان عليه إلا أن يكون ادعى الوكالة من صاحبه ، ودفعه المرتهن من غير تصديق ، فحينئذ يرجع عليه لأجل الغرور الممكن من جهته بدعواه الوكالة من صاحبه ، وقد قيل في تصحيح جواب الكتاب أن حالة الشركة التي بينهما توهم كثيرا من الناس جواز قبض أحدهما له في حقهما ، فيقوم ذلك مقام الغرور الذي يمكن بادعاء أحدهما الوكالة ، فكما يرجع هناك بما ضمن ، فكذلك هنا ولو كان رهنه أحدهما بإذن شريكه ثم نقض الرهن وقبضه ، وسلم ذلك المرتهن جاز ذلك ; لأنه هو الذي رهنه .

( ألا ترى ) : أن المستعير للرهن إذا نقض الرهن واسترد العين برضا المرتهن كان جائزا ، فكذلك هنا والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية