الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو أوصى بما في بطن غنمه فذبحها الورثة قبل أن تلد ، فلا ضمان عليهم فيما في بطونها . أما عند أبي حنيفة رحمه الله : فظاهر ; لأن ذكاة الأم لا تكون ذكاة للجنين عنده فلم يوجد من الورثة صنع في الجنين . وأما عندهما ، فإنما يكون ذكاة الأم ذكاة للجنين إذا انفصل ميتا ، وإذا انفصل ميتا ، فلا حق للموصى له فلهذا لا يضمنون له شيئا ولأنه يتوهم انفصال الجنين حيا بعد ذبح الأم ، فلا يكون هذا من [ ص: 7 ] الورثة إتلافا لحق الموصى له بطريق المباشرة والتسبب ، وإذا لم يكن تعديا لا يكون موجبا للضمان بخلاف العتق ، فإنه لا يتصور انفصال الولد رقيقا بعد عتق الأم فكان ذلك منه إتلافا لحق الموصى له بطريق المباشرة ، وإن صالحوه بعد الذبح على شيء لم يجز ; لأنه لم يكن للموصى له حق استحقاق ، وكذلك الأمة لو قتلوها هم أو غيرهم كانت القيمة للورثة ، ولا شيء للموصى له ; لأن قتل الأم لا يكون قتلا للجنين ويتوهم انفصال الجنين حيا قبل الأم فلهذا لا شيء للموصى له من قيمة الولد .

ولو أوصى له بما في ضروع غنمه فصالحه الورثة على لبن أقل من ذلك أو أكثر لم يجز ; لأنه مبادلة اللبن باللبن مجازفة ، ولا يقال ينبغي أن يصحح الصلح بطريق الإسقاط كما لو صالحوه على دراهم ; لأنا وإن جعلناه إسقاطا للحق حكما فمن حيث الحقيقة اللبن موجود في الضرع ، والوصية لا تصح إلا باعتبار هذه الحقيقة وباعتبار هذه يكون تمليك اللبن بلبن هو أقل أو أكثر ، وباب الربا ينبني على الاحتياط فلهذا لا يجوز ، وكذلك الصوف ; لأنه مال الربا كاللبن ، وهذا بخلاف ما سبق فيما إذا صالح الموصى له الورثة عما في بطن الأمة بعد عتق الأم على أكثر من قيمته ; لأنا لا نتيقن بوجوب القيمة ، وإن تيقنا به فالقيمة ليست من جنس ما قبض لا محالة فالتقويم تارة بالدراهم وتارة بالدنانير فيمكن تصحيح ذلك الصلح بطريق الإسقاط بخلاف ما نحن فيه .

التالي السابق


الخدمات العلمية