الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو أمر رجل رجلا فأسلم له في كر حنطة ، ثم صالح الذي ولي السلم على رأس المال جاز عليه ويضمن كر سلم للآمر في قول أبي حنيفة ، وفي قول أبي يوسف رحمهما الله لا يجوز صلحه على رأس المال ، وقد بينا هذا في البيوع أن الوكيل بالسلم إذا أبرأ المسلم إليه جاز في قولهما وكان للآمر مثل طعامه ، وفي قول أبي يوسف رحمه الله : لا يجوز ، وكذلك إذا أبرأه لا بطريق الصلح على رأس المال ، وهذا بخلاف الوكيل بالشراء إذا أقال : البيع ; لأن المشتري هناك صار مملوكا للموكل بعينه وإقالة الوكيل تصادف محلا هو حق غيره بغير أمره ، فأما المسلم فيه فهو دين واجب العقد والعاقد فيه لغيره كالعاقد لنفسه .

( ألا ترى ) أن حق القبض إليه على وجه لا يملك الموكل عزله عنه والدين في الذمة ليس إلا حق المطالبة بالسلم فتصرفه من حيث الإقالة إسقاط لذلك ، وهو حق الوكيل فلهذا صح ولكن إذا قبضه تعين المقبوض ملكا للآمر ، فإذا أقره عليه كان ضامنا له مثله ، ولو كان الآمر هو الذي صالح المطلوب على رأس المال وقبضه جاز بمنزلة ما لو أبرأه لا بطريق الصلح ، وهذا لأنه يصير المقبوض ملكا له بالقبض ، وقد بينا أن ملك الإقالة باعتبار ملك المعقود عليه وباعتبار المال ملك المعقود له عليه ، فإن المقبوض في عقد السلم عين ما تناوله العقد لا غيره فلهذا صحت الإقالة عن الموكل فصار الحاصل أن الاعتبار حال الدينية هو حق الوكيل ; لأنه مختص بالمطالبة والقبض وباعتبار حال العينة هو حق الموكل فتصح الإقالة [ ص: 51 ] والإبراء من كل واحد منهما باعتبار أن تصرفه يلاقي محلا هو حقه .

التالي السابق


الخدمات العلمية