الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
فإن سلط العدل على بيع الرهن فأبى أن يبيع فرفعه المرتهن إلى القاضي أجبره القاضي على البيع بعد أن يقيم البينة على ذلك بخلاف الوكيل ، فإنه إذا امتنع عن البيع لا يجبره القاضي على ذلك ; لأن الوكالة بالبيع ليست من ضمن عقد لازم فلا يثبت حكم اللزوم فيه ، وتسليط العدل على البيع في ضمن عقد لازم ، وهو الرهن فإن موجب الاستحقاق للمرتهن لازم في حق الراهن والعدل نائب في البيع فيثبت حكم اللزوم في حقه نصا توضيحه : أن الوكيل إذا امتنع عن البيع لا يتضرر به الموكل ; لأنه يتمكن من البيع نفسه .

وأما العدل : إذا تضرر من البيع فإنه يتضرر منه المرتهن ; لأنه لا يتمكن من البيع هذا إذا كان التسليط مشروطا في عقد الرهن ، فإن كان بعد تمام العقد ، في ظاهر الرواية : لا يجبر العدل على البيع ; لأن رضا المرتهن على الرهن قد تم بدونه هذا ، وهو توكيل مستأنف ليس في ضمن عقد لازم .

وعن أبي يوسف ( رحمه الله ) قال : التسليط على البيع بعد الرهن يلتحق بأصل العقد ، ويصير كالمشروط فيه ، وعلى هذا لو أراد الراهن عزل العدل المسلط على البيع فإن كان - بعد تمام الرهن - سلطه ، فهو على الخلاف الذي مضى ، وإن كان مشروطا في عقد [ ص: 80 ] الرهن لم يصح عزله بدون رضا المرتهن ; لأنه ثبت في ضمنه عقد لازم ، وهو نظير الوكيل بالخصومة بالتماس الخصم إذا أراد الموكل بغير محضر منه الخصم لم يصح ذلك عليه لدفع الضرر عنه فهذا مثله ، ولو مات العدل بطل تسلطه على البيع ; لأن ذلك كان يتأتى باعتبار رأيه ، ولم يتعين بعد موته ، والرهن على ماله ; لأن الرهن لو كان في يد المرتهن فمات لم يبطل العقد به فلأن يبطل بموت العدل أولى قال ، وإذا أوصى العدل ببيعه لم يجز كما لو ، وكل ببيعه في حياته ، وهذا ; لأن الراهن رضي برأيه ، ولم يرض برأي غيره ، وكذلك لو أراد وارث العدل بيعه لم يجز ; لأن الوارث إنما يخلف المورث فيما هو حق المورث ، وهذا حق الراهن ، والمرتهن وهما رضيا برأي العدل ، وما رضيا برأي وارثه

التالي السابق


الخدمات العلمية