الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو استعار عبد الرهن أو دابته فاستخدم العبد وركب الدابة قبل أن يرهنها بمال بمثل قيمتهما ثم قضى المال ولم يقبضهما حتى هلكا عند المرتهن فلا ضمان على الراهن ; لأنه قد برئ عن الضمان حين رهنهما ، فإن كان أمينا خالف ثم عاد إلى الوفاق فيبرأ عن الضمان حين رهنهما فإن قيل : أليس [ ص: 162 ] أن المستعير إذا خالف بمجاوزة المكان لم يبرأ عن الضمان ما لم تصل العين إلى صاحبها ، وهذا مستعير قد خالف ، فكيف يبرأ عن الضمان قبل وصول المال إلى صاحبه ؟ قلنا : لأن يد المستعير كيد نفسه ، فبالعود إلى المكان المشروط لا يصير أداء للعين لصاحبها حقيقة ، ولا حكما بخلاف المودع ، فإن يده كيد المالك ، فبالعود إلى الوفاق يصير أداء عليه حكما وما نحن فيه نظير مسألة ( الوديعة ) لأن تسليمه إلى المرتهن يرجع إلى تحقيق مقصود المعير حتى لو هلك بعد ذلك يصير دينه نقضا فيستوجب المعير الرجوع على الراهن بمثله وكان ذلك بمنزلة الرد عليه حكما فلهذا برئ به من الضمان قال : والمال على المرتهن يرده على المعير هكذا ذكر في رواية أبي حفص وفي رواية أبي سليمان قال : والمال على المرتهن يرده على الراهن ، ثم يأخذه المعير ، وقيل وهو الصحيح ; لأن المرتهن صار مستوفيا دينه بهلاك الرهن وظهر أنه استوفى الرهن فعليه أن يرد المستوفى ثانيا على من استوفاه منه ، وهو الرهن ، ويرجع المعير على الراهن لما صار قاضيا من دينه بملكه ولو قبل الراهن الرهن وقبضه ، ثم ركب الدابة أو استخدم العبد فهو ضامن لاستعماله ملك الغير بغير أمره ، فإن لم تعطب في الركوب والخدمة ، ثم عطبت بعد ذلك من غير صنعه فلا ضمان عليه ; لأنه بعد الفكاك بمنزلة المودع ، لا بمنزلة المستعير ، والمودع إذا خالف ثم ترك الخلاف برئ من الضمان .

التالي السابق


الخدمات العلمية