الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا أقام الراهن البينة أنه رهن هذا الرجل عبدا يساوي ألفين بألف ، وقبضه منه ، وأنكر المرتهن ذلك ، ولا يدري ما فعل العبد فالمرتهن ضامن لقيمة العبد كلها ; لأن الراهن أثبت ببينته أنه يسلم العبد [ ص: 131 ] إليه بحكم الرهن ، والمرتهن منكر لذلك ، وبحكم الرهن يقدر الدين من العين مضمونا عليه ، وما زاد على ذلك أمانة في يده ، والأمين يضمن الأمانة بالجحود فإذا جحد المرتهن ذلك فهو ضامن لقيمتها كلها ; لأن ما لا يتوصل إلى عينه يجعل في حكم الهالك .

ولو أقر المرتهن ، ولم يجحد ، وادعى أن العبد مات عنده لم يضمن شيئا ، وذهب العبد بما فيه لإقرار الراهن أنه كان مرهونا عنده ، والرهن إذا هلك فهو بما فيه ، والمرتهن أمين في الزيادة ، وهو مقبول القول فيما يخبر به من موته في يده ، وإذا أقام الراهن البينة على المرتهن أنه رهنه رهنا وقبضه ولم يسمه الشهود ولم يعاينوه فإنه يسأل عن الرهن ، والقول فيما يسمي من ذلك قوله مع يمينه ; لأن الثابت بالبينة في حقه كالثابت بإقراره ، ولو أقر أنه ارتهن منه رهنا ثم قال : هو هذا الثوب ، كان القول قوله في ذلك مع يمينه إن ادعى الراهن زيادة ، فكذلك إذا أثبت ذلك بالبينة ، ولو شهد شهود الراهن أنه رهن عند هذا المرتهن ثوبا هرويا بمائة ، وهو يساوي خمسين ، وجحده المرتهن ، ولا يدري ما فعل بالثوب فهو ضامن لقيمته يحسب له ذلك من دينه ; لأن ما لا يتوصل إلى عينه فهو هالك ، وإن لم يجحده ولكن جاء بثوب يساوي عشرين درهما فقال : هو هذا لم يصدق ; لأنه ثبت بالبينة أن المرهون ثوب يساوي خمسين ، والذي أحضره ليس بتلك الصفة فالظاهر يكذبه فيما قال فلا يقبل بيانه إذا جحد الراهن ذلك بخلاف الأول ، وإذا لم يقبل بيانه بقي المرهون هالكا في يده ; لأنه لا يتوصل إلى عينه فيطرح منه خمسون درهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية