الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا كان الراهن اثنين فادعى المرتهن عليهما رهنا ، وأقام البينة على أحدهما أنه رهنه ، وقبضه ، والمتاع لهما جميعا ، وهما يجحدان الرهن فإنه يستحلف الذي لم يقم عليه البينة ما رهنه ; لأنه لو لم يقم البينة على واحد منهما توجهت اليمين عليهما ، فكذلك إذا لم يقم البينة على أحدهما وهذا ; لأنه يدعي عليه ما لو أقر به لزمه فإذا أنكر استحلف عليه فإن نكل ثبت الرهن عليهما . على أحدهما بالبينة وعلى الآخر بالنكول القائم مقام إقراره فإن حلف رد الرهن عليهما ; لأن في نصيب الذي حلف انتفى الرهن من الأصل فلا يمكن القضاء في نصيب الآخر ; لأن نصيبه نصف شائع من العين .

ولو كان الراهن واحدا والمرتهن اثنين فقال أحدهما : ارتهنت أنا ، وصاحبي هذا الثوب منك بمائة وأقام له البينة ، وأنكر المرتهن الآخر ، وقال : لم نرتهنه ، وقد قبضا الثوب فجحد الراهن الرهن فإن الرهن يرد على الراهن في قول أبي يوسف وقال : محمد أقضي به رهنا ، وأجعله في يد المرتهن الذي أقام البينة أو على يدي عدل فإذا قضى الراهن المرتهن - الذي [ ص: 132 ] أقام البينة - ماله أخذ الرهن فإن هلك الرهن ذهب نصيب الذي أقام البينة من المال فأما نصيب الآخر في الرهن فلا يثبت بالاتفاق ; لأنه أكذب شهوده بجحوده ثم قال : أبو يوسف لما انتفى الرهن في نصيب الجاحد انتفى في نصيب المدعي أيضا لأجل الشيوع ، كما في ( الفصل الأول ) وهذا ; لأنه لا يمكن القضاء بجميعه رهنا للذي أقام البينة بدليل أنه لا يترك في يده وحده ، وأن بهلاكه لا يسقط جميع دينه ، ولا يمكن القضاء له بالرهن في نصفه لأجل الشيوع ومحمد يقول : هو قد أثبت ببينته الرهن في جميع العين ، وهو خصم في ذلك ; لأنه لا يتوصل إلى إثبات حقه في نصيبه إلا بإثبات الرهن على الراهن ، وعلى المرتهن الآخر فعرفنا أنه خصم في ذلك كله فيقضى بالرهن في جميع حق الآخر ، وبجحوده صار رادا للرهن في نصيبه ، وهو متمكن من ذلك ، ولكن لا يتمكن من إبطال حق الآخر في نصيبه فلا يجوز إعادة شيء منه إلى الراهن ; لأن فيه إبطال حق المرتهن المدعي ، ولا يمكن إلزام الجاحد إمساكه مع رده بجحوده ، ويتعذر جعل الفضل في يد المرتهن المدعي لإقراره بأن الراهن لم يرض بذلك فيجعل على يده ، وعلى يد عدل حتى يستوفي هو دينه فإذا سقط حقه ردت العين على الراهن ، وإن هلك الرهن ذهب نصيبه من المال بخلاف الأول فهناك الشهود ما شهدوا بالرهن إلا على أحد المالين فلا يمكن القضاء بالرهن على المالين بحكم تلك البينة ، فلهذا إذا حلف المنكر رد الرهن عليهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية