الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 321 ] ثم دخلت سنة سبع وسبعين وثلاثمائة

فمن الحوادث فيها:

أنه ورد الوزير أبو منصور محمد بن الحسن ، فتلقاه القواد والحجاب ، والحواشي ، والكتاب ، ووجوه أهل بغداد ، فلما قارب تلقاه شرف الدولة بالشفيعي يوم السبت لست خلون من المحرم ، ووصل في صحبته عشرون ألف ألف درهم ، وثياب ، وآلات كثيرة ، وكان يغلب عليه الخير وإيثار العدل ، وكان إذا سمع الأذان ترك جميع شغله ، وتوفر على أداء فرضه ، وكان يكثر التقليد [ والعزل ] ولا يترك عاملا يقيم في ناحية سنة .

وفي يوم السبت ثامن عشر صفر: عقد مجلس حضره الأشراف ، والقضاة ، والشهود ، وجددت فيه التوثقة بين الطائع لله وشرف الدولة ،

وفي يوم السبت الثاني من ربيع الأول: ركب شرف الدولة إلى دار الطائع لله في الطيار بعد أن ضربت القباب على شاطئ دجلة وزينت الدور التي عليها من الجانبين بأحسن زينة ، وخلع عليه الخلع السلطانية ، وتوجه ، وطوقه ، وسوره ، وعقد له لواءين ، واستخلفه على ما وراء بابه ، وقرئ عهده بمسمع منه ومن الناس على طبقاتهم .

وخرج من حضرته فدخل إلى أخته زوجة الطائع ، فأقام عندها إلى العصر وانصرف ، [ ص: 322 ] والعسكر والناس مقيمون على انتظاره ، ولما حمل اللواء تخرق ووقعت قطعة منه ، فتطير من ذلك ، فقال الطائع له: لم تتخرق ، وإنما انفصلت قطعة منه وحملتها الريح ، وتأويل هذه الحال: أنك تملك مهب الرياح ، وكان في جملة من حضر [ مع ] شرف الدولة أبو محمد عبيد الله بن أحمد بن معروف ، فلما رآه الطائع لله قال له:


مرحبا بالأحبة القادمينا أوحشونا وطال ما آنسونا

فقبل الأرض وشكر ، ودعا ، وجلس شرف الدولة في داره للتهنئة يوم الاثنين لأربع خلون من الشهر ، وعليه الخلع ، وبين يديه لواءان مركوزان أبيض وأسود ، ووصل إليه العامة والخاصة ، ورد شرف الدولة على الشريف أبي الحسن محمد بن عمر جميع أملاكه ، وخراج أملاكه في كل سنة ألفي ألف وخمسمائة ألف درهم ، ورد على الشريف أبي أحمد الموسوي [ جميع ] أملاكه ، ورفع أمر المصادرات وسد طرق السعايات .

وفي شهر ربيع الأول: بيعت الكارة من الدقيق الخشكار بمائة وخمسة وستين درهما ، وجلا الناس عن بغداد ، ثم زاد السعر في ربيع الآخر فبلغ ثمن الكارة الخشكار مائتين وأربعين درهما .

وفي يوم السبت لليلتين بقيتا من ربيع الآخر: توفيت والدة شرف الدولة ، وكانت امرأة تركية أم ولد ، فركب إليه الطائع لله في الماء معزيا بها .

وفي شعبان: ولد لشرف الدولة ولدان ذكران توأمان ، كنى أحدهما: أبا حرب وسماه: سلار ، وكنى الآخر أبا منصور ، وسماه: فناخسرو ،

[ بعث شرف الدولة العسكر لقتال بدر بن حسنويه ]

وفي هذه السنة: بعث شرف الدولة العسكر لقتال بدر بن حسنويه [ ص: 323 ] فظفر بهم بدر ، وانهزموا ، واستولى بدر بعد ذلك على الجبل وأعماله .

وفي ذي الحجة: وقع مع الغلاء وباء عظيم .

التالي السابق


الخدمات العلمية