الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر .

2723 - أحمد بن جعفر بن مسلم بن راشد ، أبو بكر الختلي

[ ص: 244 ] ولد سنة ثمان وسبعين ومائتين ، سمع أبا مسلم الكجي ، وعبد الله بن أحمد بن حنبل وخلقا كثيرا ، وكتب من التفاسير والقراءات شيئا كثيرا ، وكان صالحا دينا مكثرا ثقة ثبتا ، كتب عنه الدارقطني ، وروى عنه ابن رزقويه ، والبرقاني ، وأبو نعيم [ الأصبهاني ] ، أخبرنا القزاز ، أخبرنا الخطيب حدثنا أبو القاسم الحسين بن أحمد بن عثمان بن شيطا قال: حضرنا عند أبي بكر بن مسلم لنسلم عليه ، فقال له بعض الحاضرين: أبقاك الله ، فقال: ما أحب البقاء؛ لأني منذ سنة لم أحضر الجمعة ، وهذه الصيفة كلها لم أنم بالليل على السطح ، ومنذ شهر لم آكل الخبز ، إنما أسف الفتيت ، فلست أحب الحياة وهذه حالي . قال: فانصرفنا من عنده فلم يلبث إلا يسيرا حتى مات . توفي في ربيع الأول من هذه السنة ، ودفن في [ باب ] مقبرة الخيزران إلى جانب ابن المنادي ،

2724 - الحسين بن محمد بن أحمد أبو علي الماسرجسي الحافظ .

رحل وسمع وكتب الكثير وفي بيته وسلفه بضع عشر محدثا ، وصنف المسند الكبير في ألف وثلاثمائة جزء مهذبا بعلله ، وجمع حديث الزهري جمعا لم يسبق إليه ، وصنف المغازي ، والقبائل ، وأكثر المشايخ والأبواب ، وخرج على كتاب البخاري ومسلم ، وكان ثبتا ، وتوفي يوم الثلاثاء تاسع رجب من هذه السنة .

2725 - عبد الله بن عدي بن عبد الله بن محمد بن أبي أحمد الجرجاني الحافظ

[ ص: 245 ] ولد يوم السبت غرة ذي القعدة سنة سبع وستين ، وهي السنة التي مات فيها أبو حاتم الرازي ، وكان أبو أحمد عالما بالحديث ، غاية فيه ، وله كتاب "الكامل في الجرح والتعديل" . قال حمزة السهمي : سألت الدارقطني أن يصنف في ضعفاء المحدثين ، فقال: أليس لي عندك كتاب ابن عدي ؟ قلت: بلى . قال: فيه كفاية ، لا يزاد عليه .

توفي ابن عدي غرة جمادى الآخرة من هذه السنة .

2726 - معد بن إسماعيل بن عبيد الله ، أبو تميم صاحب مصر .

وهو أول من ظهر منهم بالمغرب ، ويلقب المعز لدين الله ، وتقلد الأمر في يوم الجمعة تاسع عشرين شوال سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة ، فأقام ناظرا ثلاثا وعشرين سنة ، وخمسة أشهر ، وستة وعشرين يوما ، منها بمصر ثلاث سنين ، وكان جوهر قد دخل مصر سنة ثمان وخمسين ، فوطد الأمور بمصر لمعد وبنى له القاهرة وأقام له الخطبة فدخل إلى مصر سنة اثنتين وستين .

وكان بطاشا ، أحضر يوما أبا بكر النابلسي الزاهد ، وكان ينزل الأكواخ من أرض دمشق ، فقال له: بلغنا أنك قلت: إذا كان مع الرجل المسلم عشرة أسهم وجب أن يرمي في الروم سهما واحدا ، وفينا تسعة . فقال: ما قلت [ هكذا ، فظن أنه رجع عن قوله ، فقال: كيف قلت ؟ ] قال: قلت إذا كان معه عشرة وجب أن يرميكم بتسعة ويرمي العاشر فيكم أيضا ، فإنكم غيرتم الملة ، وقتلتم الصالحين ، ادعيتم نور الإلهية ، فأمر حينئذ أن يشهر ، فشهر في اليوم الأول ، وضرب بالسياط في اليوم الثاني ، وأخرج في اليوم الثالث فسلخ ، سلخه رجل يهودي ، وكان يقرأ القرآن ولا يتأوه . قال اليهودي: أيداخلني له رحمة ، فطعنت بالسكين في فؤاده حتى مات عاجلا .

حكى صاحب النابلسي قال: مضيت مستخفيا أول يوم فتراءيت له وهو يشهر ، [ ص: 246 ] فقلت: ما هذا ؟ فقال: امتحان ، فلما كان اليوم الثاني رأيته يضرب فقلت: ما هذا ؟ فقال: كفارات . فلما أخرج في اليوم الثالث يسلخ ، قلت: ما هذا ؟ قال: أرجو أن تكون درجات .

وكان كافور الأخشيدي قد بعث إلى هذا النابلسي بمال فرده ، وقال للرسول: قل له: قال الله إياك نعبد وإياك نستعين والاستعانة به تكفي . فرد كافور الرسول إليه ، وقال له: اقرأ له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى ، فأين ذكر كافور ها هنا ، وهل المال إلا له ؟ ! فقال أبو بكر : كافور صوفي لا نحن ، فقبله .

وكان المعز مغرى بالنجوم ، فحكم له ، فاستشار منجميه ، فأشير عليه أن يعمل سردابا تحت الأرض ويتوارى فيه إلى أن يجوز الوقت ، فعمل على ذلك ، وأحضر قواده ، وقال: قد جعلت ولدي نزارا خليفتي مدة غيبتي ، ووصى إلى ولده ، وجعل جوهر يدبره ، ونزل إلى السرداب ، فأقام فيه سنة ، وكانت المغاربة إذا رأت غماما ساريا ترجل الفارس منهم إلى الأرض ، وأومأ بالسلام تقديرا أن المعز فيه ، ثم خرج بعد ذلك وجلس للناس ، وأقام مديدة ، ثم توفي في هذه السنة [ وأقام بعده ابنه ويلقب بالعزيز ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية