الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

2429 - أحمد بن إبراهيم بن حماد بن إسحاق بن إسماعيل بن حماد بن زيد ، أبو عثمان :

ولي قضاء مصر وقدم إليها ، ثم عزل فأقام بها إلى أن توفي في رمضان هذه السنة ، حدث عن إسماعيل بن إسحاق القاضي ، وخلق كثير ، وكان ثقة كريما حييا .

2430 - أحمد بن إبراهيم بن تومرد الفقيه :

تفقه على أبي العباس بن سريج ، خرج من الحمام فوقع عليه حائط فمات في هذه السنة .

2431 - إسحاق بن إبراهيم بن موسى ، أبو القاسم الغزال الفقيه :

ولد في سنة أربعين ومائتين ، وحدث عن الحسن بن عرفة ، ومحمد بن سعد العوفي ، روى عنه يوسف الوقاس وتوفي بمصر في هذه السنة .

2432 - بجكم التركي :

كان أمير الجيش ، وكان يلقب أمير الأمراء قبل ملك بني بويه ، وكان عاقلا

[ ص: 10 ]

يفهم بالعربية ولا يتكلم بها ، ويقول: أخاف أن أخطئ ، والخطأ من الرئيس قبيح وكان يقول : إن كنت لا أحسن العلم والأدب فأحب أن لا يكون في الأرض أديب ولا عالم ولا رائس صناعة إلا في جنبتي ، وتحت اصطناعي ، وكان قد استوطن واسطا ، وقرر مع الراضي بالله أن يحمل إلى خزانته [من مالها] في كل سنة ثماني مائة ألف دينار بعد أن يخرج الغلة في مئونة خمسة آلاف فارس يقيمون بها ، وكان قد أظهر العدل ، وكان يقول: قد نبئت أن العدل أربح للسلطان في الدنيا والآخرة ، وبنى دار ضيافة للضعفاء والمساكين بواسط ، وابتدأ بعمل المارستان ببغداد وهو الذي جدده عضد الدولة ، وكانت أمواله كبيرة فكان يدفنها في داره وفي الصحاري ، وكان يأخذ رجالا في صناديق فيقفلها عليهم ، ويأخذ صناديق فيها مال ويقود هو بهم إلى الصحراء ، ثم يفتح عليهم فيعاونونه في دفن المال ، ثم يعيدهم إلى الصناديق ، فلا يدرون أي موضع حملهم ، ويقول: إنما أفعل هذا لأني أخاف أن يحال بيني وبين داري ، فضاعت بموته الدفائن .

وبعث بجكم إلى سنان بن ثابت الطبيب بعد موت الراضي ، وسأله أن ينحدر إليه إلى واسط ، فانحدر إليه فأكرمه ، وقال له: [إني] أريد أن أعتمد عليك في تدبير بدني ، وفي أمر آخر هو أحب إلي من أمر بدني ، وهو أمر أخلاقي لثقتي بعقلك

[ ص: 11 ]

[ودينك] فقد غمتني غلبة الغضب والغيظ ، وإفراطهما في حتى أخرج إلى ما أندم عليه عند سكونهما من ضرب وقتل ، وأنا أسألك أن تتفقد لي ما أعمله فإذا وقفت لي على عيب لم تحتشم أن تصدقني عنه ، وتنبهني عليه ، ثم ترشدني إلى علاجه . فقال له: السمع والطاعة ، أنا أفعل ذلك ، ولكن يسمع الأمير مني بالعاجل [جملة] علاج ما أنكره من نفسه إلى أن آتي بالتفصيل في أوقاته ، اعلم أيها الأمير أنك قد أصبحت [وليس] فوق يدك يد [لأحد] من المخلوقين وأنك مالك [لكل] ما تريده قادر على أن تفعله أي وقت أردته ، لا يتهيأ لأحد من المخلوقين منعك منه ، ولا أن يحول بينك وبين ما تهواه ، أي وقت أردت ، واعلم أن الغيظ والغضب يحدث [في] الإنسان سكرا أشد من سكر النبيذ بكثير ، فكما أن الإنسان يفعل في وقت السكر من النبيذ ما لا يعقل به ولا يذكره إذا صحا ، ويندم عليه إذا حدث به ، ويستحيي منه ، كذلك يحدث له في وقت [السكر من] الغيظ بل أشد ، فإذا ابتدأ بك الغضب ، فضع في نفسك أن تؤخر العقوبة إلى غد ، واثقا بأن ما تريد أن تعمله في الوقت لا يفوتك عمله ، فإنك إذا بت ليلتك سكنت فورة غضبك ، وقد قيل: أصح ما يكون الإنسان رأيا إذا استدبر ليله واستقبل نهاره . فإذا صحوت من غضبك فتأمل الأمر الذي أغضبك ، وقدم أمر الله [ ص: 12 ] عز وجل أولا ، والخوف منه ، وترك التعرض لسخطه ، واشف غيظك بما لا يؤثمك ، فقد قيل: "ما شفى غيظه من أثم" واذكر قدرة الله عليك ، فإنك تحتاج إلى رحمته وإلى أخذه بيدك في أوقات شدائدك ، فكما تحب أن يغفر لك ، كذلك غيرك يحب أن تعفو عنه ، واذكر أي ليلة بات المذنب قلقا لخوفه منك ، وما يتوقعه من عقوبتك ، واعرف مقدار ما يصل إليه من السرور بزوال الرعب عنه ، ومقدار الثواب الذي يحصل لك بذلك ، واذكر قوله تعالى: ( ألا تحبون أن يغفر الله لكم وإنما يشتد عليك ذلك مرتين أو ثلاثا ، ثم تصير عادة لك وخلقا [فيسهل] . فابتدأ بجكم فعمل بما قال له [وعمل بواسط وقت المجاعة دار ضيافة ، وببغداد مارستان ورفق بالرعية] إلا أن مدته لم تطل .

أخبرنا محمد بن عبد الباقي البزاز ، عن أبي القاسم التنوخي ، عن أبيه قال:

حدثني عبد السلام بن الحارث قال: جاء رجل من الصوفية إلى بجكم فوعظه وتكلم بالفارسية والعربية حتى أبكاه بكاء شديدا ، فلما ولى قال بجكم لبعض من حضره :

احمل معه ألف درهم . فحملت وأقبل بجكم على من بين يديه ، فقال: ما أظنه يقبلها وهذا متخرق بالعباده : أيش يعمل بالدراهم؟ فما كان بأسرع من أن جاء الغلام [ ص: 13 ] فارغ اليد فقال له بجكم : أعطيته إياها؟ قال: نعم . فقال بجكم: كلنا صيادون ولكن الشباك تختلف .

وخرج بجكم [يوما] يتصيد فلقي قوما من الأكراد مياسير فشره إلى أموالهم ، فقصدهم في عدد يسير من غلمانه مستهينا [بأمرهم] ، فهربوا من بين يديه وتفرقوا فدار غلام منهم من خلفه ، فطعنه بالرمح ، وهو لا يعرفه فقتله لسبع بقين من رجب هذه السنة ، وكانت إمارته سنتين وثمانية أشهر وتسعة أيام .

فركب المتقي إلى داره فنزلها ونقل ما كان فيها ، وحفر أساساتها ، فحصل به من ماله ما يزيد على ألفي ألف عينا وورقا ، وقيل للروزجارية: خذوا التراب أجرتكم . فأبوا ، فأعطوا ألفي درهم ، وغسل التراب فخرج منه ستة وثلاثون ألف درهم ، وقيل: ظهر له على ألف ألف وثلاثمائة ألف دينار عينا [وورقا] ، وبيع له من أصناف الأموال والرقيق والجواهر والكساء والمراكب والأواني والرقيق والخف والحافر والسلاح أمر عظيم ، سوى ما نهب وتلف ، ثم ظهر على مال عظيم في [داره]

[ ص: 14 ]

سوى المال الأول مدفون ، فمن ذلك ستة عشر قمقما [ذهبا] يحمل القمقم في الدهق لثقله .

2433 - جعفر بن أحمد بن محمد بن يحيى بن عبد الجبار ، أبو محمد القارئ المؤذن ، مروزي الأصل .

سمع من جماعة ، وروى عنه ابن المظفر ، والدارقطني ، وقال: هو ثقة .

توفي في ربيع هذه السنة .

2434 - الحسن بن علي بن خلف ، أبو محمد البربهاري :

جمع العلم ، والزهد ، وصحب المروذي ، وسهلا التستري ، وتنزه عن ميراث أبيه لأمر كرهه ، وكان سبعين ألف درهم ، وكان شديدا على أهل البدع ، فما زالوا يثقلون قلب السلطان عليه ، وكان ينزل بباب محول ، وانتقل إلى الجانب الشرقي ، واستتر عند أخت توزون فبقي نحوا من شهر ، ثم أخذه قيام الدم فمات ، فقالت المرأة لخادمها:

انظر من يغسله ، وغلقت الأبواب حتى لا يعلم أحد ، وجاء الغاسل فغسله ، ووقف يصلي عليه وحده ، فاطلعت فإذا الدار ممتلئة رجالا بثياب بيض وخضر ، فاستدعت الخادم وقالت: ما الذي فعلت؟ فقال: يا سيدتي رأيت ما رأيت؟ قالت: نعم . قال: هذه مفاتيح الباب وهو مغلق . فقالت: ادفنوه في بيتي ، وإذا مت فادفنوني عنده ، فدفنوه في دارها ، وماتت بعده فدفنت هناك ، والمكان بقرب دار المملكة بالمخرم ، [ ص: 15 ] وكان عمره ستا وتسعين سنة [قال المصنف:] قال شيخنا أبو الحسن ابن الزاغوني:

وكشف عن قبره بعد سنين وهو صحيح لم يرم وظهرت من قبره روائح الطيب حتى ملأت مدينة السلام .

2435 - الحسن بن إدريس بن محمد بن شاذان ، أبو القاسم القافلائي :

حدث عن جماعة ، فروى عنه ابن حيويه والدارقطني . توفي في هذه السنة .

2436 - الحسن بن محمد بن أحمد بن أبي الشوك ، أبو محمد الزيات .

سمع هلال بن العلاء وغيره وروى عنه الدارقطني وابن شاهين وكان ثقة .

توفي في هذه السنة .

2437 - عبد الله بن أحمد بن ثابت ، أبو القاسم البزاز :

حدث عن حفص بن عمرو الربالي ، ويعقوب الدورقي ، روى عنه الدارقطني [وابن شاهين وكان صالحا ثقة ، توفي في رجب هذه السنة] .

2438 - عبد الله بن طاهر بن حاتم ، أبو بكر الأبهري :

صحب يوسف بن الحسين ، وكان من أقران الشبلي ، وأسند الحديث .

أخبرنا محمد بن ناصر ، قال: أخبرنا أبو بكر بن خلف ، قال: أخبرنا أبو عبد [ ص: 16 ] الرحمن السلمي قال: سمعت إسحاق بن محمد بن عبد الله يقول: سمعت أبا بكر بن طاهر يقول [وسئل] ما بال الإنسان يحتمل من معلمه ما لا يحتمله من أبويه؟ فقال: لأن أبويه سبب حياته الفانية ، ومعلمه سبب حياته الباقية .

2439 - [عبد الله بن محمد بن إسحاق بن يزيد ، أبو القاسم ، مروزي الأصل :

سمع سعدان بن نصر ، روى عنه الدارقطني ، وابن شاهين ، وكان ثقة .

وتوفي في رمضان هذه السنة] .

2440 - عبيد الله بن موسى بن إسحاق بن موسى ، أبو الأسود الأنصاري الخطمي :

حدث عن محمد بن سعد العوفي ، روى عنه ابن المظفر ، والدارقطني ، وكان ثقة ، وتوفي في هذه السنة] .

2441 - [عبد الملك بن يحيى بن الحسين ، أبو الحسين العطار الزعفراني ،

يعرف: بابن أبي زكار
:

حدث عن علي بن داود القنطري ، روى عنه الدارقطني ، وكان ثقة .

وتوفي في محرم هذه السنة] . [ ص: 17 ]

2442 - محمد الراضي بالله [أمير المؤمنين] بن المقتدر :

توفي ليلة السبت لأربع عشرة ليلة بقيت من ربيع الآخر على خمس ساعات ماضية من الليل بعلة الاستسقاء ، وكان من أعظم آفاته كثرة الجماع ، وغسله القاضي يوسف بن عمر ، وكانت خلافته ست سنين ، وعشرة أشهر ، وعشرة أيام ، وعمره إحدى وثلاثين سنة وخمسة أشهر ، ودفن في تربته بالرصافة .

وكانت تربة عظيمة قد أنفقت عليها الأموال ، والآن فقد عمل عندها سور المحلة فلم يبق منها إلا أثر قريب ، ودفنت عنده أمه ظلوم .

2443 - محمد بن أحمد بن أبي سهل ، واسمه: يزيد بن خالد ، أبو الحسين الحربي :

حدث عن أبي العباس بن مسروق ، روى عنه أبو عبد الله بن بطة .

وتوفي في شعبان هذه السنة .

2444 - محمد بن أيوب بن المعافى بن العباس ، أبو بكر العكبري :

حدث عن إسماعيل بن إسحاق القاضي ، وإبراهيم الحربي ، روى عنه ابن بطة [ ص: 18 ] وغيره ، وكان ثقة صالحا زاهدا ، وكان ابن بطة يقول: ما رأيت أفضل من أبي بكر بن أيوب ، وتوفي في رمضان هذه السنة .

2445 - محمد بن حمدويه بن سهل بن يزداد ، أبو نصر المروزي :

روى عنه الدارقطني ، وكان ثقة ، وتوفي في هذه السنة ، وقيل: في سنة سبع وعشرين ، والأول أصح .

2446 - يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول ، أبو بكر الأزرق التنوخي الكاتب :

ولد بالأنبار سنة ثمان وثلاثين ومائتين ، وسمع جده إسحاق ، والزبير بن بكار ، والحسن بن عرفة ، وغيرهم . وكتب عنه كثيرا من اللغة والنحو والأخبار ، وكان أزرق العين ، متخشنا في دينه ، كثير الصدقة ، تصدق بنحو مائة ألف دينار ، وكان أمارا بالمعروف ، روى عنه ابن المظفر ، والدارقطني ، وابن شاهين ، وآخر من روى عنه أبو الحسين بن المتيم ، وكان ثقة .

وتوفي في ذي الحجة من هذه السنة ، ودفن في مقابر باب الكوفة ، وله اثنتان وتسعون سنة . [ ص: 19 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية