الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وفي هذه السنة خرج التشرينان والكانونان وشباط بلا مطر [إلا مطرة واحدة [ ص: 7 ] خفيفة لم يسل منها ميزاب وقطع الأكراد على قافلة خرجت إلى خراسان فأخذوا منها ما مبلغه ثلاثة آلاف دينار [وكان أكثر المال لبجكم] وزادت الفرات زيادة لم يعهد مثلها ، وغرقت العباسية ، ودخل الماء شوارع بغداد فسقطت القنطرة العتيقة والجديدة .

وفي شوال: اجتمعت العامة في جامع دار السلطان ، وتظلمت من الديلم ونزولهم في دورهم بغير أجرة ، وتعديهم عليهم في معاملاتهم ، فلم يقع إنكار لذلك فمنعت العامة الإمام من الصلاة ، وكسرت المنبرين وشعثت المسجد ، ومنعهم الديلم من ذلك فقتلوا من الديلم جماعة .

وفي هذا الشهر: تقلد أبو إسحاق محمد بن أحمد الإسكافي وزارة المتقي ، وخلع عليه .

ووقع الموت في المواشي والعلل في الناس ، وكثرت الحمى ووجع المفاصل ، ودام [الغلاء] حتى تكشف المتجملون ، وهلك الفقراء ، واحتاج الناس إلى الاستسقاء فرئي منام عجيب .

أخبرنا محمد بن عبد الباقي البزاز ، أنبأنا علي بن عبد المحسن ، عن أبيه [ ص: 8 ] قال: حدثني أبو الحسن أحمد بن يوسف الأزرق ، حدثنا أبو محمد الصلحي الكاتب قال: نادى منادي المتقي [بالله] في زمن خلافته في الأسواق أن أمير المؤمنين يقول لكم معشر رعيته إن امرأة صالحة رأت النبي صلى الله عليه وسلم في منامها فشكت احتباس القطر ، فقال لها: قولي للناس يخرجون في يوم الثلاثاء الأدنى ويستسقون ، ويدعون الله ، فإنه يسقيهم في يومهم ، وإن أمير المؤمنين يأمركم معاشر المسلمين بالخروج في يوم الثلاثاء كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأن تدعوا وتستسقوا بإصلاح من نياتكم ، وإقلاع من ذنوبكم . قال: فأخبرني الجم الغفير أنهم لما سمعوا النداء ضجت الأسواق بالبكاء والدعاء ، فشق ذلك علي ، وقلت: في منام امرأة لا يدرى كيف تأويله ، وهل يصح أم لا ، ينادي به خليفة في أسواق مدينة السلام ، فإن لم يسقوا كيف يكون حالنا مع الكفار ، فليته أمر الناس بالخروج ولم يذكر هذا ، وما زلت قلقا حتى أتى يوم الثلاثاء ، فقيل لي إن الناس قد خرجوا إلى المصلى مع أبي الحسن أحمد بن الفضل بن عبد الملك إمام الجوامع ، وخرج أكثر أصحاب السلطان والفقهاء والأشراف ، فلما كان قبل الظهر ارتفعت سحابة ، ثم طبقت الآفاق ، ثم أسبلت عزاليها بمطر جود ، فرجع الناس حفاة من الوحل . [ ص: 9 ]

وفي هذه السنة: لم يمض الحاج إلى المدينة لأجل طالبي خرج في ذلك الصقع .

التالي السابق


الخدمات العلمية