الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 247 ] ثم دخلت سنة ست وستين وثلاثمائة

فمن الحوادث فيها:

أنه توفي أبو علي بن بويه في المحرم ، فوجد عضد الدولة طريقا إلى ما كان يخفيه من قصد العراق ،

وفي ليلة الثلاثاء ، لست بقين من جمادى الأولى: نقلت بنت عز الدولة زوجة الطائع إليه .

وبلغت زيادة دجلة في رمضان ، وهو الخامس والعشرين من نيسان: أحدا وعشرين ذراعا ، وانفجر بالزاهر بثق وبباب التبن آخر .

وفي شوال: ورد أبو بكر محمد بن علي بن شاهويه صاحب القرامطة إلى الكوفة ومعه ألف رجل منهم ، وأقام الدعوة بها وبسوراء والنيل للطائع لله ولعضد الدولة ، وكانت وقعة بين عضد الدولة وعز الدولة ، فأسر فيها غلام تركي لعز الدولة لم يكن من قبل بأحظى غلمانه ، ولا بأقربهم منه ، فجن عليه جنونا ، وحزن عليه حزنا شديدا ، وتسلى عن كل شيء إلا عنه ، وزال تماسكه ، واطرح القرار ، وامتنع من المطعم والمشرب ، وانقطع إلى البكاء ، واحتجب عن الناس ، وكان إذا وصل إليه وزيره أو قواده قطعهم بالشكوى ، لما حل به ، وحرم على نفسه الجلوس في الفرش والمخاد .

وكتب إلى عضد الدولة يسأله رد الغلام [ إليه ] وكتب إلى خواصه المطيفين به يسألهم [ ص: 248 ] معونته على ما رغب إليه فيه ، فصار ضحكة بين الناس ، وعاتبه الخلق ، فما ارعوى ، وأنفذ الشريف أبا أحمد الحسين بن موسى رسولا إليه في هذا الأمر ، وبذل له [ على يده ] فدية الغلام جاريتين عوادتين لم يكن لهما نظير ، وكان قد بذل له في إحداهما مائة ألف ، فأبى أن يبيعها ، وقال له: إن وقف عليك هذا الأمر في الفداء فزد ما ترى ، ولا تفكر فيما بيني وبين عضد الدولة إلا في هذا الغلام ، فقد رضيت أن آخذه وأمضي إلى أقصى الأرض . فلما أدى الرسالة أمر عضد الدولة برد الغلام .

في هذه السنة: حج بالناس أبو عبد الله أحمد بن أبي الحسين محمد بن عبيد الله العلوي ، وكذلك إلى سنة ثمانين وثلاثمائة .

وفي هذه السنة خطب للمغاربة في مدينة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان في حاج هذه السنة جميلة بنت ناصر الدولة أبي محمد بن حمدان ، وكان معها أخواها إبراهيم ، وهبة الله ، فضرب بحجها المثل ، فإنها استصحبت أربعمائة جمل عليها محامل عدة ، ولم يعلم في أيها كانت ، ونثرت على الكعبة حين شاهدتها عشرة آلاف دينار من ضرب أبيها ، وكست المجاورين بالحرمين ، وأنفقت الأموال الجزيلة ، وقتل أخوها في الطريق ، فتصدقت بدمه .

التالي السابق


الخدمات العلمية