الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم دخلت سنة سبع وعشرين ومائتين

[خروج أبي حرب المبرقع اليماني بفلسطين]

فمن الحوادث فيها:

خروج أبي حرب المبرقع اليماني بفلسطين وخلافه للسلطان .

وسبب ذلك : أن بعض الجند أراد النزول في داره وهو غائب عنها ، وفيها إما زوجته وإما أخته فمانعته فضربها ، فلما رجع أبو حرب بكت وشكت ما فعل بها ، وأرته أثر الضرب ، فأخذ سيفه ومشى إلى الجندي وهو غار ، فضربه [به حتى] قتله ، ثم هرب وألبس وجهه برقعا كي لا يعرف ، فصار الرجل إلى جبل [من] جبال الأردن ، فطلبه السلطان فلم يعرف له خبر ، وكان يظهر بالنهار فيقعد على الجبل الذي أوى إليه متبرقعا ، فيراه الرائي فيأتيه ، فيذكره ويحرضه على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ويذكر السلطان ويعيبه ، فاستجاب له خلق [من حراثي تلك الناحية وأهل القرى ، وكان يزعم أنه أموي ، فقال الذين استجابوا له:] هذا هو السفياني ، فلما كثرت غاشيته وأتباعه دعا أهل البيوتات من أهل تلك الناحية ، فاستجاب له جماعة منهم حتى [ ص: 118 ] صاروا في زهاء مائة ألف ، فوجه إليه المعتصم جندا عليهم رجاء بن أيوب ، فطاوله رجاء حتى إذا جاء أوان عمارة الأرض ، انصرف الحراثون ، وبقي في نحو من ألف أو ألفين فناجزه الحرب ، وأسره ، وجاء به إلى المعتصم .

وقيل كان خروج هذا في سنة ست وعشرين .

أخبرنا أبو منصور القزاز ، قال: أخبرنا الخطيب أبو بكر ، أخبرنا الأزهري ، حدثنا علي بن عمر الحافظ ، أخبرنا عبد الله بن إسحاق البغوي ، أخبرنا الحارث بن أبي أسامة قال: سنة سبع وعشرين ومائتين فيها وثب قوم يوم الجمعة لثلاث بقين من جمادى الآخرة في مسجد الرصافة على رجلين من الجهمية فضربوهما وأذلوهما ، ثم مضوا إلى مسجد شعيب بن سهل القاضي يريدون محو كتاب كان كتبه على مسجده ، يذكر فيه أن القرآن مخلوق ، فأشرف عليهم خادم شعيب ، فرماهم بالنشاب ، فوثبوا فأحرقوا باب شعيب ، وانتهب ناس منزله ، وأرادوا نفسه ، فهرب منهم .

وهو أول قاض حرق بابه ونهب منزله فيما بلغنا ، وكان يقول: جهم بن صفوان مبغضا لأهل السنة ، متحاملا عليهم ، منتقصا لهم .

[وفاة المعتصم]

وفي هذه السنة: توفي المعتصم ، وبويع الواثق . [ ص: 119 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية