الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[وفاة المأمون]

وفي هذه السنة:

توفي المأمون وبويع للمعتصم . [ ص: 25 ]

باب خلافة المعتصم

واسمه محمد بن هارون الرشيد ، ويكنى أبا إسحاق ، وأمه أم ولد من مولدات الكوفة ، تسمى ماردة ، لم تدرك خلافته ، وكانت أحظى النساء عند الرشيد . وكان أبيض أصهب اللحية طويلها ، مربوعا مشرب اللون ، حسن العينين ، وهو يسمى الثماني .

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز ، قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت ، أخبرنا ابن رزق ، أخبرنا عثمان بن أحمد الدقاق ، أخبرنا أحمد بن البراء قال:

المعتصم بالله ، أبو إسحاق محمد بن الرشيد ، ولد بالخلد في سنة ثمانين ومائة ، في الشهر الثامن ، وهو ثامن الخلفاء ، والثامن من ولد العباس ، وفتح ثمانية فتوح ، وولد [له] ثمانية بنين ، وثماني بنات ، ومات بالخاقاني من سر من رأى ، وكان عمره ثمانيا وأربعين سنة ، وخلافته ثماني سنين ، وثمانية أشهر [ويومين . وقال أبو بكر الصولي] : وثمانية أيام . وخلف من العين ثمانية آلاف ألف دينار ومثلها ورقا ، وتوفي لثمان بقين من ربيع الأول ، وفتوحه المشهورة ثمانية . [ ص: 26 ]

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد [القزاز قال:] ، أخبرنا أحمد بن علي قال:

أخبرني عبد الله بن أبي الفتح ، أخبرنا أحمد بن إبراهيم ، أخبرنا إبراهيم بن محمد بن عرفة قال: وكان المعتصم ثامن الخلفاء من بني العباس ، وثامن أمراء المؤمنين من بني عبد المطلب ، وملك ثماني سنين وثمانية أشهر ، وفتح ثمانية فتوح: بلاد بابك على يد الأفشين ، وفتح عمورية بنفسه ، والزط بعجيف ، وبحر البصرة ، وقلعة الأحراف ، وأعراب ديار ربيعة ، والشاري ، وفتح مصر ، وقتل ثمانية أعداء: بابك ، ومازيار ، [وباطس ، ورئيس الزنادقة ، والأفشين ، وعجيفا ، وقارن ، وقائد الرافضة .

وينبغي أن يكون ثامن بني عبد المطلب لأنه هو: المعتصم بن الرشيد بن المهدي بن المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب] . وحكى [أبو بكر] الصولي: أنه لم تجتمع الملوك بباب أحد قط اجتماعها بباب المعتصم ، ولا ظفر ملك كظفره ، أسر بابك ملك أذربيجان ، والمازيار ملك طبرستان ، وباطس ملك عمورية والأفشين ملك أشروسنة ، وعجيفا - وهو ملك - وصار إلى بابه ملك فرغانة ، وملك أسيشاب ، وملك طخارستان ، وملك أصبهان ، وملك الصغد ، وملك كابل وباطيس ورئيس الزنادقة ، والأفشين وعجيفا ، وقارن ، وقائد الرافضة .

أخبرنا القزاز ، قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: [أخبرنا أبو] منصور بن باي بن جعفر الجيلي ، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عمران ، قال: حدثني محمد بن يحيى ، حدثنا محمد بن سعيد الأصم ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن [ ص: 27 ]

إسماعيل الهاشمي
قال: كان مع المعتصم غلام يتعلم معه في الكتاب ، فمات الغلام ، فقال له الرشيد: يا محمد ، مات غلامك . قال: نعم يا سيدي ، واستراح من الكتاب! قال الرشيد: وإن الكتاب ليبلغ منك هذا المبلغ؟! دعوه إلى حيث انتهى ، لا تعلموه شيئا ، وكان يكتب [كتابا] ضعيفا ، ويقرأ [قراءة] ضعيفة .

التالي السابق


الخدمات العلمية