الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

1411 - إسحاق بن إبراهيم بن [مخلد بن إبراهيم ، أبو ] يعقوب الحنظلي ، المعروف بابن راهويه .

ولد سنة إحدى وستين ومائة ، وقيل سنة ست وستين ومائة .

وولد مثقوب الأذنين فقال له الفضل بن موسى الشيباني : يكون هذا رأسا في الخير أو في الشر .

وقال له عبد الله بن طاهر : لم قيل لك ابن راهويه ؟ فقال : ولد أبي في الطريق فقيل راهويه .

رحل إسحاق في طلب العلم إلى العراق ، والحجاز ، واليمن ، والشام ، وسمع من جرير بن عبد الحميد ، وإسماعيل بن علية ، وسفيان بن عيينة ، ووكيع [بن الجراح ] ، وأبا معاوية ، وعبد الرزاق ، والنضر بن شميل ، وعيسى بن يونس ، وأبا بكر بن عياش ، وغيرهم .

روى عنه : البخاري ، ومسلم ، وخلق كثير . واجتمع له الحديث والفقه ، والحفظ والصدق ، والورع والزهد .

وكان أحمد بن حنبل يقول : لا أعلم لإسحاق بالعراق نظيرا وقال مرة : لم نر مثله . [ ص: 260 ]

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال : أخبرنا أحمد بن علي [بن ثابت قال : ] أخبرنا ابن يعقوب قال : أخبرنا محمد بن نعيم قال : أخبرنا محمد بن صالح بن هانئ قال : حدثنا أبو سعيد الحسن بن عبد الصمد قال : سمعت إسحاق بن إبراهيم يقول :

أحفظ سبعين ألف حديث كأنها نصب عيني .

أخبرنا [أبو منصور ] القزاز قال : أخبرنا [أحمد بن علي ] الخطيب قال : أخبرنا محمد بن علي بن مخلد قال : أخبرنا أحمد بن محمد بن عمران قال : حدثنا أحمد بن كامل قال : قال عبد الله بن طاهر لإسحاق بن راهويه : قيل لي إنك تحفظ مائة ألف حديث ؟ قال : مائة ألف حديث ما أدري ما هو ، ولكني ما سمعت شيئا قط إلا حفظته ، ولا حفظت شيئا قط فنسيته .

توفي [إسحاق ] بن راهويه ليلة الخميس للنصف من شعبان هذه السنة بنيسابور .

قال البخاري : توفي وهو ابن سبع وسبعين سنة .

1412 - بشر بن الوليد بن خالد ، أبو الوليد الكندي .

سمع مالك بن أنس ، وصالحا المري ، وشريك بن عبد الله ، وأبا يوسف ، ومنه أخذ الفقه .

روى عنه جماعة منهم : البغوي ، وكان عالما دينا فقيها ثقة ، جميل [ ص: 261 ] المذهب ، حسن الطريقة ، وولي القضاء بعسكر المهدي من جانب بغداد الشرقي لما عزل عنه محمد بن عبد الرحمن المخزومي ، وذلك سنة ثمان ومائتين ، وأقام على ولايته سنتين ، وعزل وولي قضاء مدينة المنصور في سنة عشر ، فلم يزل يتولاه إلى أن صرف عنه في سنة ثلاث عشرة ومائتين .

أخبرنا [أبو منصور ] القزاز قال : أخبرنا أبو بكر [أحمد بن علي بن ثابت ] الحافظ قال : أخبرنا علي بن المحسن وقال : أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر قال : لما عزل المأمون إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة استقضى على مدينة المنصور بشر بن الوليد الكندي ، وكان عالما دينا خشنا في باب الحكم ، واسع الفقه ، وهو صاحب أبي يوسف وحمل الناس عنه من الفقه والمسائل ما لا يمكن جمعها .

قال طلحة : وحدثني عبد الباقي بن قانع عن بعض شيوخه : أن يحيى بن أكثم شكى بشر بن الوليد إلى المأمون وقال : إنه لا ينفذ قضائي ، وكان يحيى قد غلب على المأمون حتى كان أكثر من ولده ، فأقعده المأمون معه على سريره ، ودعا بشر بن الوليد فقال له : ما ليحيى يشكوك ويقول إنك لا تنفذ أحكامه ؟ فقال : يا أمير المؤمنين ، سألت عنه بخراسان فلم يحمد في بلده ، ولا في جواره ، فصاح به المأمون وقال : اخرج فخرج [بشر ] فقال يحيى يا أمير المؤمنين ، قد سمعت فاصرفه ، فقال : ويحك ، هذا لم يراقبني ، فكيف أصرفه ؟ ولم يفعل .

قال المصنف : كان بشر مع ميله إلى أصحاب الرأي لا يعين على أحمد بن حنبل ، وسعى به رجل إلى المعتصم فقال : إنه لا يقول القرآن مخلوق ، فحبسه في بيته [ ص: 262 ] ونهاه أن يفتي ، فلما ولي المتوكل أطلقه ، وأمره أن يفتي ويحدث وأشكل عليه أمر القرآن ، فقال بالوقف ، فذمه أصحاب الحديث وتركوه . وتغير بالكبر حتى قالوا : قد خرف .

وتوفي في هذه السنة عن سبع وتسعين سنة ، ودفن في مقبرة باب الشام .

1413 - الربيع بن ثعلب ، أبو الفضل المروزي .

ولد بمرو ، وسكن بغداد ، وحدث بها عن الفرج بن فضالة .

روى عنه البغوي ، وكان رجلا صالحا من خيار المسلمين ، صدوقا .

توفي في شوال هذه السنة ببغداد .

1414 - محمد بن بكار بن الريان ، أبو عبد الله الرصافي ، مولى بني هاشم .

سمع الفرج بن فضالة وخلقا كثيرا .

روى عنه : الصاغاني ، وأحمد بن أبي خيثمة ، وإبراهيم بن هاشم البغوي وغيرهم . ووثقه يحيى ، والدارقطني ، وقال صالح جزرة : هو صدوق يحدث عن الضعفاء .

توفي في ربيع الآخر سنة ثمان وثلاثين ومائتين ، وهو ابن ثلاث وتسعين سنة .

1415 - محمد بن الحسين [البرجلاني ] أبو جعفر ، ويعرف بابن أبي شيخ البرجلاني .

نسب إلى محلة البرجلانية ، وهو صاحب كتب الزهد والرقائق .

سمع الحسين بن علي الجعفي ، وزيد بن الحباب ، وخلقا كثيرا . [ ص: 263 ]

روى عنه ابن أبي الدنيا فأكثر ، وأبو العباس بن مسروق وغيرهما .

وسأل رجل أحمد بن حنبل عن شيء من حديث الزهد فقال : عليك بمحمد بن الحسين البرجلاني وقال ابن أبي الدنيا : مات في هذه السنة .

1416 - محمد بن خالد بن يزيد بن غزوان ، أبو عبد الله البراثي .

[كان من أهل الدين والفضل ، وكان ذا مال وثروة .

روى عن هشيم ، وسفيان بن عيينة ، وكان بشر بن الحارث يأنس إليه في أموره .

أخبرنا القزاز قال : أخبرنا أحمد بن علي قال : أخبرني أبو القاسم الأزهري قال :

حدثنا محمد بن العباس قال : حدثنا أبو محمد الزهري . قال : سمعت إبراهيم الحربي يقول : ما لك ؟ يقع على أحد شيء من السماء ؟ ولكن كان لبشر صديق . قال أبو محمد الزهري : كان أبو عبد الله البراثي ] صديقا لبشر . وكان يجهز إلى الثغر ، وكان موسرا ذا مال ، قال : فكان إبراهيم الحربي يومئ إلى أن بشرا كان يأنس بأبي عبد الله البراثي ويقبل منه الصلة .

1417 - يحيى بن عمار ، أبو زكريا الحر .

سمع إسماعيل بن عياش ، وبقية بن الوليد . كتب عنه أحمد بن حنبل ، ويحيى بن معين ، وقال : هو ثقة .

توفي في هذه السنة .

1418 - أبو عبيدة البسري .

وبسر قرية فوق دمشق . [ ص: 264 ]

أخبرنا أبو بكر العامري قال : أخبرنا أبو سعد بن أبي صادق قال : أخبرنا ابن باكويه قال : حدثنا عبد الواحد بن بكر الورثاني قال : سمعت محمد بن داود الدينوري يقول : سمعت أبا بكر بن معمر يقول : سمعت ابن أبي عبيدة البسري يحدث عن أبيه : أنه غزا سنة من السنين ، فخرج في السرية فمات المهر الذي كان تحته وهو في السرية ، فقال : أي رب ! أعرنا إياه حتى نرجع إلى بسرى - يعني قريته - فإذا المهر قائم ، فلما غزا ورجع إلى بسرى قال : يا بني خذ السرج عن المهر . قال : قلت : يا أبة إنه عرق ، فقال : يا بني ، هو عارية ، فحين أخذت السرج وقع المهر ميتا .

التالي السابق


الخدمات العلمية