الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم دخلت سنة سبع وثلاثين ومائتين

فمن الحوادث فيها :

غزاة علي بن يحيى الأرمني الصائفة
.

[وثوب أهل أرمينية بيوسف بن محمد ]

وفيها : وثب أهل أرمينية بيوسف بن محمد وهو عامل أرمينية ، وكان قد خرج بطريق فطلب الأمان ، فأخذه يوسف ، فقيده ، وبعث به إلى المتوكل فأسلم ، فاجتمع بطارقة أرمينية ، فقاتلوا يوسف ، فقتلوه ، فوجه المتوكل إليهم من قتل منهم ثلاثين ألفا .

[عزل المتوكل محمد بن أحمد ]

وفيها عزل المتوكل محمد بن أحمد بن أبي دؤاد عن المظالم لعشر بقين من صفر [وولاها محمد بن يعقوب ، وغضب على أحمد بن أبي دؤاد لخمس بقين من صفر ] وأمر المتوكل بقبض متاعه وحبس ابنه أبي الوليد محمد بن أحمد بن أبي دؤاد في ديوان الخراج يوم السبت لثلاث خلون من ربيع الآخر ، وحبس إخوته عبيد الله بن السري خليفة صاحب الشرطة ، فلما كان يوم الاثنين حمل أبو الوليد مائة ألف دينار وعشرين ألف دينار وجوهرا قيمته عشرون ألف دينار ، ثم صولح بعد ذلك على ستة عشر ألف [ ص: 250 ] ألف درهم ، وأشهد عليهم جميعا ببيع كل ضيعة لهم ، وكان أحمد قد فلج ، فلما كان يوم الأربعاء لسبع خلون من شعبان أمر المتوكل بولد أحمد بن أبي دؤاد ، فحدروا إلى بغداد .

وفي هذه السنة : رضي عن يحيى بن أكثم ، وكان ببغداد فحدر إلى سامراء ، فولي القضاء على القضاة ، ثم ولي المظالم فولي حيان بن بشر قضاء الشرقية ، وولى سوار بن عبد الله العنبري قضاء الجانب الغربي ، وكلاهما أعور ، فقال الجماز :


رأيت من الكبائر قاضيين هما أحدوثة في الخافقين     هما اقتسما العمى نصفين عدلا
كما اقتسما قضاء الجانبين     هما فأل الزمان بهلك يحيى
إذ افتتح القضاء بأعورين

أخبرنا [عبد الرحمن بن محمد ] القزاز قال : أخبرنا أحمد بن علي [بن ثابت قال : ] أخبرنا علي بن الحسن قال : أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر قال : أخبرني محمد بن جرير الطبري إجازة : أن المتوكل أشخص يحيى بن أكثم من بغداد إلى سامراء بعد القبض على ابن أبي دؤاد ، فولاه قضاء القضاة في سنة سبع وثلاثين ، فعزل عبد السلام - يعني الوابصي وولي مكانه سوار بن عبد الله العنبري على الجانب الشرقي ، وقلد حيان بن بشر الأسدي الشرقية ، وخلع عليهما في يوم واحد ، وكانا [ ص: 251 ] أعورين ، فأنشدني عبد الله بن محمد الكاتب لدعبل :


رأيت من الكبائر قاضيين     هما أحدوثة في الخافقين
هما اقتسما العمى نصفين فذا     كما اقتسما قضاء الجانبين
وتحسب منهما [من هز ] رأسا     لينظر في مواريث ودين
كأنك قد جعلت عليه دنا     فتحت بذاله من فرد عين
هما فأل الزمان بهلك يحيى     إذ افتتح القضاء بأعورين

قال طلحة : وذكر ابن جرير الأبيات ولم يذكر الثالث ولا الرابع ، والشعر للجماز ، والذي أنشدني قال : هو لدعبل .

التالي السابق


الخدمات العلمية