الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 178 ] ووقف في رهنه وإجارته لخلاصه ، ورد إن لم يتغير : كعوده له بعيب .

[ ص: 179 ] أو ملك مستأنف : كبيع أو هبة أو إرث ; فإن باعه لأجنبي مطلقا ، . [ ص: 180 ] أو له بمثل ثمنه ، أو بأكثر إن دلس ; فلا رجوع : وإلا رد ثم رد عليه . .

التالي السابق


( و ) لو علق المشتري بالمبيع حقا لغيره برهنه في دين عليه أو إجارته ثم علم عيبه الذي له رده به ( وقف ) بضم فكسر المبيع ( في ) صورة ( رهنه ) أي المبيع المعيب من المشتري قبل علمه عيبه ( و ) في صورة ( إجارته ) أي المبيع ونحوها كإخدامه وإعارته ، وصلة وقف ( لخلاصه ) أي المبيع من الرهن بدفع الدين المرهون فيه أو إبرائه منه أو تمام عمل الإجارة أو انتهاء مدة الإخدام والإعارة ( ورد ) بضم الراء وشد الدال المبيع المعيب لبائعه بعد خلاصه ( إن لم يتغير ) المبيع وهو مرهون أو مؤجر مثلا ، فإن تغير جرى فيه ما يأتي في قوله وتغير المبيع إن توسط إلخ . الحط حكم الرهن والإجارة والبيع الصحيح وهبة الثواب سواء في أنه لا رجوع للمشتري بشيء حتى تعود له السلعة على مذهب ابن القاسم في المدونة قال في الأم : والرهن والبيع والإجارة إذا أصاب العيب بعدهن أو أجر فلا أراه فوتا ، ومتى رجعت إليه بافتكاك الرهن أو انقضاء أجل الإجارة فأرى له أن يردها إن كانت بحالها ، فإن دخلها عيب مفسد ردها وما نقص العيب الذي حدث بها ا هـ .

ثم قال : وانظر هل يشترط أن يشهد الآن أنه ما رضي بهن أو لا يشترط ذلك ، وله القيام به وإن لم يشهد ، وهذا هو الظاهر ، ويظهر من كلام ابن يونس وأبي الحسن عن ابن حبيب أنه إنما يكون له رد بعد رجوعه إليه بشراء أو هبة أو ميراث إذا لم يقم عليه أو لم يحكم بينهما بشيء ، أما لو قام عليه قبل رجوعه ليده فقضي عليه بأنه لا يرجع عليه بشيء لخروج ذلك من يده فلا رجوع له . أبو محمد وهذا بعيد من أصولهم . ابن يونس يريد أنه له الرد قام عليه أو لم يقم لأنه إنما منع من القيام عليه لعلة فارتفع الحكم بارتفاعها . وشبه في الرد إن لم يتغير فقال : ( كعوده ) أي المبيع ( له ) أي المشتري بعد بيعه غير عالم بعيبه ، وصلة عوده ( بعيب ) ظهر للمشتري من المشترى سواء كان قديما من [ ص: 179 ] عند البائع الأول ، أو حدث عند المشتري الأول والمبيع في ضمان البائع الأول بعهدة أو مواضعة فللمشتري الأول رده على البائع الأول ، أو بتفليس المشتري الثاني قبل دفع ثمنه وأخذه المشتري الأول فله رده على بائعه إن لم يتغير ( أو ) عوده له ( بملك ) بكسر الميم وسكون اللام ( مستأنف ) بضم الميم وفتح النون ( كبيع ) من غير المشتري الأول له . ابن يونس ولو اشتراه عالما بعيبه فله رده على بائعه لأنه يقول : إنما اشتريته لأرده عليك ( أو هبة ) من غير المشتري الأول له ( أو إرث ) من غير المشتري الأول .

( فإن باعه ) أي المشتري المبيع المعيب غير عالم بعيبه ( لأجنبي ) أي غير بائعه فلا قيام له بالعيب ( مطلقا ) عن تقييده ببيعه بمثل ثمنه أو أكثر ، وبعدم تدليس بائعه ما دام لم يعد إليه ، فإن عاد إليه فقد تقدم فيها ، وإن اشتريت من رجل عبدا ثم بعته فادعيت بعد بيعه أن العيب كان بالعبد عند بائعه منك فليس لك خصومته الآن إذ لو ثبت لم أرجعك عليه بشيء ، فإن رجع العبد إليك بشراء أو هبة أو غير ذلك فلك القيام بعيبه ، ثم قال : لو وهبه لك مشتريه منك ثم علم عيبه لرجع عليك بقيمة العيب من الثمن الذي بعت به منه ثم لك رده على بائعك الأول وأخذ جميع ثمنك منه ولا كلام له . ابن يونس ولا يحاسبك ببقية الثمن الذي قبضت من واهبك بعد الذي رددت إليه منه بقيمة العيب لأن ما بقي في يدك إنما وهبه غيره . أبو الحسن وهذا معنى قولها ولا كلام له ، أما إذا باعه بمثل الثمن أو أكثر فواضح لأنه لو رده على بائعه فلا يرجع إلا بثمنه الذي دفعه ، وأما إذا باعه بأقل فلأنه إما أن يكون عالما فبيعه رضا منه بعيبه ، وإن لم يعلم فالنقص لحوالة السوق لا للعيب ، هذا قول ابن القاسم واختاره ابن المواز ، قال : إلا أن يكون النقص من أجل العيب مثل بيعه به ظانا حدوثه عنده ولم يعلم أنه كان عند بائعه وباعه وكيله ظانا ذلك فيرجع على بائعه بالأقل مما نقصه من الثمن وقيمة العيب المصنف .

وظاهر كلام ابن يونس أن قول محمد تقييد لقول ابن القاسم ، وبذلك صرح غيره ، ولم يذكره ابن الجلاب على أنه تقييد ا هـ .

ابن عرفة جعل ابن رشد وعياض قول [ ص: 180 ] محمد تفسيرا لقول ابن القاسم وعزاه عبد الحق لابن القاسم في الموازية . ( أو ) باعه المشتري ( له ) أي بائعه ( بمثل ثمنه ) الذي اشتراه منه به فلا رجوع له على بائعه الذي اشتراه الآن سواء باعه له قبل اطلاعه على العيب أو بعده دلس أم لا ، لكن للمشتري الثاني الذي هو البائع الأول رده عليه إذا لم يدلس في بيعه إن باعه له بعد اطلاعه على عيبه لأنه بمنزلة حدوثه عنده ( أو ) باع المشتري المبيع قبل اطلاعه على عيبه لبائعه ( بأكثر ) من ثمنه الذي اشتراه منه به ( إن دلس ) البائع الأول أي لم يبين العيب عالما به حين بيعه أو لا ( فلا رجوع ) للمشتري الثاني الذي هو البائع الأول على بائعه الذي هو المشتري الأول بزائد الثمن الثاني على الثمن الأول لشرائه عالما بعيبه ( وإلا ) أي وإن لم يدلس البائع الأول بأن لم يعلم العيب حين بيعه ( رد ) بفتح الراء وضمها بشد الدال أي للمشتري الثاني الذي هو البائع الأول رد المبيع بالعيب على المشتري الأول ( ثم رد ) كذلك أي للمشتري الأول رده به ( عليه ) أي البائع الأول ، فإن باعه المشتري الأول بعد علمه عيبه لبائعه بأكثر ، فإن كان دلس فلا رجوع وإلا فللمشتري الثاني رده على المشتري الأول وله التمسك به ، فإن رده عليه فليس للمشتري الأول رده على بائعه لأن بيعه له بعد علمه عيبه رضا به أفاده البناني . .




الخدمات العلمية