الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 205 ] ولا يجوز التمسك بأقل استحق أكثره ، وإن كان درهمان وسلعة تساوي عشرة بثوب فاستحقت السلعة وفات الثوب : فله قيمة الثوب بكماله ، ورد الدرهمين . .

التالي السابق


( و ) إن اشترى أشياء مقومة كثياب بثمن واحد في صفقة واحدة فاستحق أكثرها [ ص: 205 ] ف ( لا يجوز التمسك ب ) بعض ( أقل ) أي قليل من مبيع مقوم متعدد ( استحق أكثره ) أي المبيع بحصته من ثمنه لانفساخ البيع باستحقاق أكثر المبيع فالتمسك بالباقي بحصته إنشاء شراء بثمن مجهول ، إذ لا يعلم حصة الباقي من الثمن إلا بعد تقويم المستحق والباقي ونسبة قيمة الباقي لمجموع القيمتين ، وأجازه ابن حبيب ، ورأى أنها جهالة طرأت بعد تمام الشراء كالجهالة الطارئة بظهور عيب في بعض المبيع وفيه نظر ، إذ يقتضي مخالفة العيب الاستحقاق وهو لا يخالفه . ( وإن كان درهمان وسلعة ) عطف على درهمان أو مفعول معه ( تساوي ) السلعة ( عشرة ) من الدراهم مثلا والجملة نعت سلعة بيعا ( بثوب ) فقيمته بحسب تراضيهما اثنا عشر درهما ( فاستحقت ) بضم التاء وكسر الحاء أي ظهرت ( السلعة ) ملكا لغير بائعها أو ظهر بها عيب قديم وردها مشتريها فهي وجه الصفقة ، إذ هي خمسة أسداسها ( و ) قد ( فات الثوب ) الذي هو ثمن الدرهمين والسلعة بيد مشتريه بهما بحوالة سوق فأعلى ( فله ) أي مشتريه السلعة التي استحقت والدرهمان بالثوب ( قيمة الثوب ) الفائت ( بكماله ) وهي اثنا عشر درهما ( ورد ) مشتري السلعة والدرهمين وجوبا ( الدرهمين ) الباقيين بيده بعد استحقاق السلعة وله التمسك بالدرهمين وأخذ خمسة أسداس قيمة الثوب وهي عشرة دراهم وجاز له ذلك ، وإن كان تمسكا بأقل ما استحق أكثره لأن شرط حرمته عدم فوات الثمن وقد فات هنا .

الحط يعني أنه لما استحقت السلعة وفات الثوب فله قيمة الثوب بكماله فقد استحق الأكثر فيرد الدرهمين ، ويأخذ ثوبه إن كان قائما وقيمته إن فات على المشهور ، وعلى قول ابن حبيب يرجع في خمسة أسداس الثوب إن كان باقيا وبقيمتها إن فات ، فلو كانت قيمة الثوب خمسة عشر قاصصه بدرهمين منها ورد له ثلاثة عشر على المشهور ، وعلى مقابله يرد [ ص: 206 ] له خمسة أسداس القيمة وهي اثنا عشر ونصف ولو كانت قيمته تسعة قاصصه بدرهمين ورد له سبعة على المشهور وعلى مقابله يرد سبعة ونصفا ، وإن كانت قيمته اثني عشر رجع بعشرة اتفاقا ، ويقاصص بالدرهمين على المشهور ويملكهما على مقابله بغير مقاصة قاله في التوضيح . طفي تفريع هذه على قوله ولا يجوز التمسك بأقل استحق أكثره مبني على أن الفسخ مطلق فات العوض أم لا ، مع أن المعتمد عدم الفسخ مع فواته في العيب والاستحقاق ، ولم ينبهوا على هذا .

ولما ذكر ابن عرفة مسألة الدرهمين هذه عن ابن الحاجب قال : ونفس هذه المسألة لم أعرفها لغيره ، وما ذكره من القولين تقدما في العيوب فيمن رد أعلى المعيب وفات أدناه ، لأن المردود كالمستحق وفوات الأدنى كالدرهمين ا هـ . ونص ما تقدم له في العيوب وإذا رد أعلى المبيع وفات أدناه وعوضه عين أو غير مثلي فات ، ففي مضي الأدنى بمنابه من الثمن ورد قيمته لأخذ كل الثمن مطلقا ثالثها : إن لم تكن أكثر من منابه من الثمن ا هـ . وفيه ترجيح عدم الفسخ مع الفوات ، لكن قوله لم أعرفها لغيره اعترضه " ق " بأن ابن يونس قد ذكرها وذكر نصه فانظره فيه . قلت والعذر لابن عرفة أن ابن يونس لم يذكرها في باب الاستحقاق الذي هو مظنتها ، وإنما ذكرها في أوائل كتاب الجعل والإجارة من ديوانه . .




الخدمات العلمية