الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 156 ] وعيب قل بدار ، وفي قدره تردد .

[ ص: 157 ] ورجع بقيمته كصدع جدار لم يخف عليها منه ; .

[ ص: 158 ] إلا أن يكون واجهتها ، أو بقطع منفعة كملح بئرها بمحل الحلاوة .

التالي السابق


( ولا ) رد البيع بسبب وجود ( عيب قل بدار ) الحط عيب الدار ثلاثة أقسام يسير لا ينقص ثمنها فلا ترد به ولا يرجع بقيمته كسقوط شرافة وخلع بلاطة وخطير يستغرق معظم ثمنها ويخشى منه سقوطها فترد به ومتوسط بينهما لا ترد به ويرجع بمنابه من الثمن كصدع حائط ، والظاهر أن المصنف أراد المتوسط بدليل ورجع بقيمته بإضافة قيمة إلى ضمير العيب كما في أكثر النسخ ونبه عليه ابن غازي ، ويعلم منه عدم الرد باليسير بالأولى . في الشامل واغتفر سقوط شرافة ونحوها واستحقاق حمل جذوع أو جدار إلا أن يشترط أربع جدرات فيرجع بقيمته كاستحقاق أقلها ، وترد العروض بالعيب اليسير ، وقيل : كالدور ا هـ . وقيل : إن الدور ترد باليسير ، والفرق على المشهور بين الدور وغيرها أن اليسير فيها لا يعيب إلا موضعه ويصلح ويزول بحيث لا يبقى شيء منه ، بخلاف غيرها فيعيب جميعه ولا يزول بالإصلاح ، وأنها لا تنفك عن العيب ، فلو رد باليسير لأضر بالبائع ، وإن الدور تشترى للقنية فيتسامح في عيبها اليسير بخلاف غيرها .

وعن ابن رزق مسألة الدور أصل يرد إليه سائر المبيعات في العيوب وسمعته يذكر التفرقة المتقدمة ، ويقول مسألة الدار ضعيفة فلذا احتاج الناس إلى توجيهها . ( وفي قدره ) أي العيب المتوسط الذي لا يرد به ويرجع بقيمته ( تردد ) فقيل : بالعادة فما قضت بقلته فقليل وما قضت بكثرته فكثير وهو الأصل . وقيل : ما نقص معظم الثمن فكثير وما دونه فيسير قاله أبو محمد ، أو ما نقص عن الثلث قاله أبو بكر بن عبد الرحمن أو ما نقص عن الربع . ابن عرفة وفي إيجاب مطلق العيب المؤثر في الثمن حكم الرد ولو في الدور وتخصيصه بغير يسيره في الدور وغيرها ، ثالثها في غيرها فقط . الباجي عن بعض الأندلسيين وابن سهل عن نقل الكتاب الجامع أقوال مالك رضي الله تعالى عنه .

المؤلف لأمير المؤمنين الحكم بن عبد الرحمن رواية زياد من وجد في ثوب ابتاعه يسير خرق يخرج في القطع ونحوه من العيوب فلم يرد به ووضع قدر العيب ، وكذا في كل [ ص: 157 ] الأشياء مع نقله عن المختصر الكبير لا يرد إلا بعيب كثير تخاف عاقبته وعياض عن ابن رزق متأولا عليه مسائل المدونة وغيرها محتجا له بمتقدم قولها في الكي ، ونقل الأكثر عن المذهب ، وعليه قال المتيطي عن الشيخ وعبد الحق عن بعض شيوخه عيوب الدور ثلاثة يسير لا ينقص من الثمن لغو وخطير يستغرق معظمه ، أو يخشى سقوط حائط يثبت به الرد ، ومتوسط يرجع بمنابه من الثمن كصدع يسير بحائط ، وفي حد الكثير بثلث الثمن أو ربعه ثالثها ما قيمته عشرة مثاقيل : ورابعها عشرة من مائة وخامسها لا حد لما به الرد بما أضر . ( ورجع ) المشتري على البائع ( بقيمته ) أي العيب المتوسط ( كصدع ) بفتح الصاد وسكون الدال المهملين أي شق ( جدار لم يخف ) بضم التحتية وفتح الخاء المعجمة ( عليها ) أي الدار الانهدام ( منه ) أي بسبب صدع الجدار ظاهره أنها لا ترد به ولو خيف سقوط الجدار من صدعه ، وبه صرح اللخمي وهو ظاهر المدونة .

وقال عبد الحق وابن شهاب وغيرهما : ترد به ، وتأولوا أنه إن خشي هدم الحائط من الصدع فيه أنه يجب الرد به . وقيل : يرد لخوف هدم الحائط إذا كان ينقص الدار كثيرا . عياض وهو صحيح المعنى ، واستدل من لم ير له الرد بهدم الحائط بأنه لو استحق لم يكن له رد ، فكيف يرد إذا كان به صدع . وفرق الآخرون بأنه في الاستحقاق لا ضرر عليه لأخذه قيمته من البائع ، بخلاف صدعه فإنه يضطره إلى بنائه والنفقة فيه . ونص ابن الحاجب وفيها للصدع في الجدار ، وشبهه إن كان يخاف على الدار أن تتهدم منه رد به وإلا فلا . قال في التوضيح : وظاهر قوله إن كان يخاف على الدار أنه لو خيف على الحائط فلا ترد به ، وبه صرح اللخمي وعياض وهو ظاهر الكتاب . الحط وانظر ما نسبه ابن الحاجب لها مع قولها ومن ابتاع دارا فوجد بها صدعا ، فإن كان يخاف منه سقوط الجدار فليرد وإلا فلا ا هـ والله أعلم . ابن عرفة وفيها إن وجد بالدار صدع يخاف منه سقوطها فله الرد وإلا فلا ، وتعقب عبد الحق اختصارها . أبو سعيد [ ص: 158 ] يخاف منه سقوط الجدار لأن لفظها يخاف منه سقوطها .

قلت اختصرها الشيخ على لفظها ، ويؤكد التعقب قول ابن عبد الرحمن قول محمد إن لم يخف على الدار من الصدع الهدم غرم البائع ما نقص من ثمنها تفسير لها ، ولو خيف من صدع الحائط هدمه ففي رد الدار به . ثالثها إن كان ينقصها كثيرا وصدع الجدار الذي لا يخاف عليها السقوط منه متوسط في كل حال ( إلا أن يكون ) الجدار المنصدع ( واجهتها ) أي الحائط المواجهة لداخل الدار وهو الذي فيه بابها ونقص ثمنها ثلثه أو ربعه على الخلاف المتقدم فترد به ولا قيمة له . ( أو ) أي وترد الدار ( بقطع ) أي عدم ( منفعة ) من منافعها وكذا في أكثر النسخ بصيغة المصدر المضاف لفاعله ووقع في بعض يقطع بالمثناة تحت بصيغة مضارع معطوف على يكون ، وفاعله ضمير الجدار ( كملح بئرها ) أي الدار حال كونها ( بمحل ) الماء ذي ( الحلاوة ) تمثيل لقطع المنفعة على النسخة الأولى وتشبيه به في الرد على النسخة الثانية ، وفي بعض النسخ أو ملح بئرها إلخ بأو العاطفة على قطع عطف خاص على عام على جوازه بأو لعده في التوضيح منه . وفي الشامل وفساد أساسها أو غور مائها أو ملوحته بمحل العذوبة أو تعفين قواعدها أو فساد حفرة مرحاضها كثير .

الوانوغي البق عيب ولو في السرير وكثرة النمل عيب ، وفي سوء الجار خلاف والصواب أنه ليس بعيب لأنه ليس براجع إلى أحوالها . المشذالي فيه نظر ، والخلاف الذي أشار له حكاه في الطراز ابن المواز سوء جار المكتراة عيب ترد به إن لم يعلم . وقال غيره : ليس بعيب في البيع وقال أبو صالح الحراني : سمعت مالكا رضي الله تعالى عنه يقول ترد الدار من سوء الجيران ولم يأت إلا من هذا الطريق . المشذالي . سمع ابن القاسم مالكا رضي الله تعالى عنهما يقول : اللهم إني أعوذ بك من الجار السوء في دار إقامة . ابن رشد المحنة بجار السوء عظيمة ، وقد روي عن مالك رضي الله تعالى عنه رد الدار بسوء الجار ومن اشترى دارا فوجد جيرانها [ ص: 159 ] يشربون فله ردها . الصقلي من اكترى دارا فوجد لها جيران سوء فذلك عيب ترد به الوانوغي وفي الشؤم والجان نظر ، والذي اختاره ابن عرفة أنهما ليسا بعيب ، والصواب أنهما عيب لأن النفوس تكرههما قطعا ولا تسكن الدار بهما غالبا ، واختاره البرزلي . ابن عبد الغفور حكى عن جماعة من أصحابنا أن كثرة القمل في ا الثياب عيب فروا كانت أو صوفا أو كتانا . .




الخدمات العلمية