الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
. وللأمين بيعه بإذن في عقده ، إن لم يقل : إن لم آت :

[ ص: 471 ] كالمرتهن بعده ، وإلا مضى فيهما

التالي السابق


( و ) إن جعل الرهن بيد أمين وحل أجل الدين وتعذر استيفاؤه من الراهن ف ( للأمين ) على الرهن ( بيعه ) أي الرهن لتوفية الدين المرهون فيه ( بإذن ) من الراهن للأمين ( في ) بيعه حصل هذا الإذن منه حال ( عقده ) أي الراهن البيع أو القرض المرهون فيه وأولى إن أذن له فيه بعده لأنه محض توكيل سالم عن توهم إكراه الراهن عليه بخلاف إذنه في العقد فيتوهم فيه ذلك لضرورته بما عليه من الحق ، وظاهره كان الدين من بيع أو قرض وهو كذلك عند ابن رشد . وحكى المتيطي خلافا في دين القرض ولا يحتاج الأمين لإذن من الراهن غير الإذن الأول ولا من الحاكم ، ومفهوم بإذنه منعه بغيره وهو كذلك لأنه تصرف في ملك الغير بغير إذنه . ومفهوم في عقده جوازه بإذنه فيه بعده بالأولى .

ومحل جواز بيع الأمين ( إن لم يقل ) الراهن في صيغة إذنه في بيعه ( إن لم آت ) بالدين في أجل كذا فبعه ، وأذن له فيه إذنا مطلقا ، فإن كان قال ذلك فليس له بيعه إلا بأمر الحاكم لأنه الذي يكشف عن مجيئه أو عدمه ولا يثبت ذلك إلا عنده ابن عرفة قول ابن الحاجب يستقل الأمين بالبيع إذا أذن له فيه قبل الأجل أو بعده ما لم يكن في العقد بشرط صواب لأنه محض توكيل سالم عن توهم كون الراهن مكرها فيه . [ ص: 471 ]

وشبه في الجواز فقال ( ك ) بيع ( المرتهن ) الرهن فيجوز استقلاله به إذا كان الراهن أذن له فيه ( بعده ) أي عقد الرهن ولم يقل إن لم آت ، فإن لم تأذن له فيه فلا يجوز له بيعه . ومفهوم بعده أنه إن أذن للمرتهن فيه حال عقد الرهن فلا يجوز له بيعه إلا بأمر الحاكم ( وإلا ) أي وإن لم يستأذن الأمين الحاكم في بيع الرهن الذي قال راهنه له بعد إن لم آت ولم يستأذنه المرتهن فيه وقد كان الإذن له فيه بعده ، وقال إن لم آت أو حال عقده سواء قال إن لم آت أولا ( مضى ) بيعه ( فيهما ) أي الأمين والمرتهن ، وإن لم يجز ابتداء ظاهره ولو لم يفت وهو مذهب المدونة ولمالك رضي الله تعالى عنه في الموازية يرد ما لم يفت . ابن رشد اختلف إن شرط المرتهن على الراهن في أصل العقد أنه موكل على بيع الرهن مثل قوله أبيعك بكذا إلى أجل كذا على أن ترهنني كذا وأنا موكل على بيعه دون مؤامرة سلطان على قولين أحدهما : أن ذلك لازم ليس له عزله عن بيعه بماله في ذلك من الحق وهو إسقاط العناء عنه في الرفع إلى السلطان إن ألد به ، وإسقاط الإثبات عنه إن أنكر أو غاب ، وهذا قول إسماعيل القاضي وابن القصار وعبد الوهاب .

والثاني : أن ذلك لا يجوز ابتداء وله عزله ، واختلف على هذا القول إن باعه قبل عزله على ثلاثة أقوال فذكرها ثم قال وإنما اختلف في توكيل الراهن المرتهن على بيع الرهن عند حلول الأجل من غير مؤامرة السلطان لأنها وكالة اضطرار لحاجته إلى ابتياع ما اشترى أو استقراض ما استقرض لأن الرهن لا يباع على الراهن إلا إذا ألد في بيعه أو غاب ولم يوجد له مال يقضي منه دينه فيحتاج إلى البحث عن ذلك وعن قرب غيبته أو بعدها ، وذلك لا يفعله إلا القاضي فأشبه حكمه على الغائب . وأما لو طاع الراهن للمرتهن بعد العقد بأن يرهنه رهنا ويوكله على بيعه بعد الأجل لجاز باتفاق لأنه معروف من الراهن إلى المرتهن في الرهن والتوكيل على بيعه . ا هـ . نقله الحط ، قال وضمير فيهما راجع لمفهوم بعده فإن كان في عقد البيع فليس له بيع بل إذن الحاكم ، فإن باعه بدونه مضى كما صرح به في رسم شك من سماع ابن القاسم ، ولمفهوم إن لم يقل إن لم آت فإن [ ص: 472 ] قاله فليس للأمين ولا للمرتهن بلا إذن الحاكم ، فإن باعه بدونه مضى صرح به في المدونة .




الخدمات العلمية