الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 226 ] والمحتمل بعدهما منه ، لا في منكح به أو مخالع ، أو مصالح في دم عمد ، .

[ ص: 227 ] أو مسلم فيه ، أو به : أو قرض ، أو على صفة ، [ ص: 228 ] أو مقاطع به مكاتب ، أو مبيع على كمفلس ومشترى للعتق ، أو مأخوذ عن دين ، أو رد بعيب . .

التالي السابق


( و ) إن بيع رقيق بعهدة ثلاث أو سنة وظهر فيه عيب بعد مضي مدتهما احتمل حدوثه به في مدتهما أو بعدها ، فالعيب أي الذي ظهر بالرقيق المبيع بالعهدتين بعد زمانهما ( المحتمل ) حدوثه ( بعدهما ) أي العهدتين وفيهما ضمانه ( منه ) أي المشتري ابن الحاجب على الأصح واقتصر عليه هنا مع تعقبه له في توضيحه ، ولما استثنى بعض أهل المذهب مسائل ليس فيه عهدة ثلاث ولا سنة ، وعدها المتيطي إحدى وعشرين مسألة ذكرها المصنف فقال عاطفا على مقدر أي : رد بما مر في غير رقيق منكح به ( لا في ) رقيق ( منكح ) بضم الميم وفتح الكاف وسكون النون أي مزوج بفتح الواو ( به ) أي مجعول صداقا ، فالعهدتان ساقطتان فيه لبنائه على المكارمة ولأنه لا يجوز فيه من الغرر والجهل ما لا يجوز في البيع ، وقد سماه الله تعالى نحلة والنحلة العطية بلا عوض إن لم تشترطا فيه ، وإلا عمل بهما فيه وفاء بالشرط لأن فيه غرضا ومالية قاله ابن محرز ، هذا مذهب ابن القاسم ، وقال أشهب : فيه العهدة قياسا على البيع .

قال مالك " رضي الله عنه " أشبه شيء بالبيع النكاح ( أو ) رقيق ( مخالع ) بفتح اللام أي خالعت به الزوجة زوجها فلا عهدة فيه له عليها لأن سبيله المناجزة غالبا ولاغتفار الغرر فيه ولأن المرأة لما كانت تملك به نفسها ملكا تاما ناجزا لا يتعقبه رد ولا فسخ وجب أن يملك الزوج العوض ملكا تاما ناجزا ، قاله ابن رشد ( أو ) رقيق ( مصالح ) بفتح اللام به ( في دم عمد ) فيه قصاص على إنكار أو على إقرار فلا عهدة فيه لهذا ، وأما المصالح به عن عمد لا قصاص فيه لخشية التلف كالأمة أو خطأ ، فإن كان على إنكار فلا عهدة فيه أيضا وإن كان على إقرار أو بينة ففيه العهدة لأنه بيع قاله في الذخيرة ابن رشد وأما المصالح به فمعناه المصالح به على الإنكار ، [ ص: 227 ] وأما المصالح به على الإقرار فبيع ففيه العهدة ولم يكن في الصلح على الإنكار عهدة لشبهه الهبة في حق دافعه ولاقتضائه المناجزة لأخذه على ترك الخصومة فلا تجوز لهما فيه عهدة ولو استحق لما رجع بالعوض على حكم البيع وأما المأخوذ عن دين أو دم فلا عهدة فيه لوجوب المناجزة فيه اتقاء للدين بالدين ا هـالبناني تعليله سقوطها في المأخوذ عن دين دليل على أنه لا فرق بين الإنكار والإقرار وأن ما ذكره أولا من العهدة في المصالح به على الإقرار محمول على الإقرار بمعين لا في الذمة ( أو ) رقيق ( مسلم ) بفتح اللام أي مدفوع ( فيه ) رأس سلم إلى نصف شهر مثلا ، فلا عهدة فيه للمسلم على المسلم إليه وقال ابن حبيب : فيه عهدة لأنه مشترى ابن رشد .

ووجه قول ابن القاسم بعدم العهدة أنه ليس مشترى بعينه ، وإنما هو ثابت في الذمة بصفة فأشبه القرض ( أو ) رقيق مسلم ( به ) أي مجعول رأس مثل سلم ابن رشد عن ابن العطار أن الرقيق إذا كان رأس مال لا عهدة فيه ابن رشد وهو صحيح لأن السلم يقتضي المناجزة وهذا قائم من المدونة ( أو ) رقيق ( قرض ) أي مقرض بفتح الراء فلا عهدة فيه ، فإذا اقترض شخص رقيقا سليما ثم حدث به عيب يرد به في العهدة أن لو كانت فيه فإنه يلزمه رد مثله سليما إلا أن يرضى المقرض برده معيبا فيجوز لأنه حسن اقتضاء وهو معروف ابن رشد لا اختلاف أنه لا عهدة في الرق المقترض إذ ليس مبيعا ، والعهدة إنما جاءت فيما اشترى من الرقيق ( أو ) رقيق مبيع وهو غائب ( على صفة ) أي وصفه من بائعه أو غيره فلا عهدة فيه ابن رشد وأما العبد المشترى على صفة فلا عهدة فيه لأن وجه بيعه يقتضي إسقاطها لاقتضائه التناجز إذا كان الناس يتبايعون الغائب على ما أدركت الصفقة حيا مجموعا فهو من المبتاع ، فإن اشترط الصفة لم تكن فيه عهدة لأن بيع الصفة بيع منجز قاطع للضمان والعهدة وإن لم يشترط ذلك فحمل مالك " رضي الله عنه " البيع على ذلك مرة ، ومرة جعل السلعة في ضمان البائع حتى يقبضها المبتاع فيكون قبضه لها على هذا القول قبضا [ ص: 228 ] ناجزا لا عهدة فيه ا هـ الحط .

معنى كلامه أن البائع إن شرط على المبتاع أن ضمان المبيع منه إن أدركته الصفقة وإن لم يشترط ذلك ، فإذا وصل للمشترى وقبضه كان ذلك مسقطا لضمانه وعهدته ( أو ) رقيق ( مقاطع ) بفتح الطاء المهملة ( به ) أي الرقيق رقيق ( مكاتب ) معتق على مال مؤجل عن المال المؤجل الذي أعتق على أدائه فلا عهدة فيه للسيد على المكاتب ابن رشد لأنه إذا كان عبدا بعينه فكأنه انتزعه منه وأعتقه ، وإن كان بغير عينه فقد أشبه المسلم فيه الثابت في الذمة فسقطت العهدة وفي الواضحة لا عهدة في الرق الموهوب للثواب لبيعه على المكارمة لا على المكايسة ، وهو يشبه العبد المنكح به فيدخله الاختلاف الذي في المنكح به واختلف في العهدة في الرق المستقال منه فقال ابن حبيب وأصبغ : فيه العهدة ، وقال سحنون : لا عهدة فيه ، وهذا إذا انتقد وإلا فلا عهدة فيه قولا واحدا لأنه كالمأخوذ عن دين أفاده الحط ( أو ) رقيق ( مبيع على كمفلس ) فلا عهدة فيه إن علم المشتري أن البائع حاكم ، ودخل بالكاف مبيع على سفيه أو غالب لوفاء دين أو نفقة كزوجة ( أو ) رقيق ( مشترى ) بفتح الراء ( للعتق ) سواء كان على إيجابه أو على أنه حر بالشراء أو على التخيير أو على الإبهام لا عهدة فيه للتشوف للحرية ، وللتساهل في ثمنه ( أو ) رقيق ( مأخوذ عن دين ) من قرض أو بيع ثابت ببينة أو إقرار أو على إنكار على وجه الصلح أو قضاء القرض أو ثمن المبيع لأن تخليص الحق يغتفر فيه مثل هذا وأكثر منه عادة ، وللحث على حسن الاقتضاء ، ولوجوب المناجزة لئلا يكون دينا بدين ( أو ) رقيق بيع و ( رد ) بضم الراء وشد الدال على بائعه بعيب قديم فلا عهدة على مشتريه لبائعه لأنه فسخ للبيع لا بيع ثان .




الخدمات العلمية