الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 316 - 317 ] أو قدر أجل ، أو رهن [ ص: 318 ] أو حميل : حلفا . وفسخ ، إن حكم به [ ص: 319 ] ظاهرا وباطنا :

التالي السابق


( أو ) اختلفا في ( قدر أجل ) الثمن بأن قال البائع إلى شهر والمشتري إلى شهرين ، فإن لم تفت السلعة تحالفا وتفاسخا ، وإن فاتت فالقول للمشتري إن أشبه وكذا إن اختلفا في أصل الأجل بأن قال البائع حالا والمبتاع إلى أجل قاله فيها ولم يتكلم المصنف على هذا وإن اختلفا في انتهائه فالقول لمنكره إن أشبه ، وسيذكره المصنف ، أفاده الحط .

( أو ) اختلفا في وقوع البيع بشرط ( رهن ) لشيء في الثمن المؤجل وعدمه ، وقوله الآتي في الرهن والقول لنا في الرهنية محله في تنازعهما في سلعة معينة هل هي رهن أو وديعة ، ولم يتعرض مدعي الرهنية لكون عقد البيع أو القرض أو غيرهما اشترط فيه [ ص: 318 ] رهنيتها أم لا ، فالموضوع مختلف . عج ويحتمل عطف رهن على المضاف إليه أي تنازعا في قدر رهن .

( أو ) تنازعهما في وقوع البيع بشرط ( حميل ) بالثمن المؤجل أي صلة بأن قال البائع بعتك بكذا لأجل كذا بشرط حميل ، وقال المبتاع لا بشرطه أو قدره كبعتك على حميلين ، وقال المشتري على واحد . قال في التوضيح لأن الثمن يزيد بعدم الرهن والحميل وينقص بوجودهما ، وهذا هو الظاهر وإن كان وقع في المذهب ما يدل على أن الرهن لا حصة له من الثمن ، ومثله لابن عبد السلام محتجا بقولها ومن أمرته أن يسلم لك في طعام ففعل وأخذ رهنا أو حميلا بغير أمرك جاز لأنه زيادة توثق . ا هـ . ابن عبد السلام وإليك التفطن في وجه الاعتراض على المصنف ا هـ ووجه التفطن أنه لو كان يختلف به الثمن لكان الوكيل متعديا ا هـ قاله طفي .

وأفاد حكم اختلافهما في قدر الثمن أو في المثمن أو في قدر الأجل أو الرهن أو الحميل فقال ( حلفا ) أي المتبايعان في كل من الفروع الخمسة ( وفسخ ) البيع ولم يذكرها مع مسألتي الاختلاف في الجنس والنوع ويجعل جواب السبعة حلفا وفسخ لعموم ذلك في الأولين مع بقاء المبيع وفواته من غير نظر لدعوى شبه ، وفي هذه الخمس حلفهما ، والفسخ مع بقائه فقط كما يأتي ، وأما مع فواته فيضمن بالثمن الذي ادعاه من يعمل بشبهه على ما يأتي ، ولعل الفرق أن الاختلاف في جنس الثمن أو نوعه اختلاف في ذاته ، بخلاف الاختلاف في الخمس فإنه اختلاف في شيء زائد على الرهن والحميل والأجل فظاهر ، وأما في قدر ثمن ومثمن فلأن اتفاقهما على أصل كل صير الزائد المختلف فيه كأنه زائد على أصل الذات .

وقوله ( إن حكم ) بضم فكسر ( به ) أي الفسخ قيد في الفسخين جميعا فهو راجع للسبع عند ابن القاسم . وقال سحنون وابن عبد الحكم يفسخ بنفس التحالف كاللعان ، والفرق للأول أن اللعان تعد لتعلق النكاح وتوابعه بالعبادات ، والبيع من المعاملات التي لا ينقطع النزاع فيها إلا بالحكم وفائدة الخلاف فيما إذا رضي أحدهما قبل الحكم بما قال [ ص: 319 ] الآخر فله ذلك عند ابن القاسم ، وكأنه بيع ثان لا عند غيره ، وظاهر قوله إن حكم به أنهما إن تراضيا على فسخه بلا حكم لا ينفسخ . وقالسند ينفسخ وكأنهما تقايلا فسخا ( ظاهرا ) بين الناس ( وباطنا ) بين العبد وربه تبارك وتعالى . ولو في حق المظلوم على المعتمد . وقال سند ينفسخ في حق المظلوم ظاهرا فقط ، فلو وجد بينة أو أقر له خصمه بعد الفسخ فله القيام به ، وثمرته إذا كان المبيع أمة والبائع ظالم فلا يحل له وطؤها على كون الفسخ ظاهرا فقط ، ويحل على المشهور ، ولا يحل للمبتاع وطؤها إذا ظفر بها وأمكنه وهو ظاهر كلام الشارح رعيا للمشهور أن الفسخ في حقه باطنا حتى على الضعيف فيما يظهر لأخذه ثمنه ، وليس للبائع الظالم إذا فسخ البيع أن يبيعه ، وإن حصل فيه فوت فليس له تملكه على الضعيف لا على المشهور .

فإن قيل قوله ظاهرا وباطنا ينافي قوله الآتي في الصلح ولا يحل للظالم ، وقوله الآتي في القضاء . لا أحل حراما . أجيب بأن الحكم بفسخ البيع مع قطع النظر عن كذب الكاذب منزل منزلة تقايلهما ، وبأنهما لما تراضيا على الحلف وحلفا فكأنهما تقايلا ، وبأن الحكم بالفسخ حكم بمال وتبعه الوطء بخلاف ما في القضاء ، فإنه بثبوت شيء بشهادة زور لو اطلع الحاكم عليه لم يحكم أفاده عب .

البناني ابن الحاجب ينفسخ ظاهرا وباطنا على الأصح . في ضيح ما صححه المصنف ذكر سند أنه ظاهر المذهب ورجح الثاني بأن أصل المذهب أن حكم الحاكم لا يحل حراما . وذكر المازري القولين ، وزاد ثالثا لبعض الشافعية إن كان البائع مظلوما فسخ ظاهرا وباطنا ليصح تصرفه في المبيع بوطء وغيره ، وإن كان ظالما فسخ ظاهرا فقط لأنه غاصب ، وفي المعيار سئل ابن أبي زيد عمن باع جارية من رجل فأنكره المشتري هل يحل له وطؤها فأجاب إذا لم يجد عليه بينة بشرائها فليحلفه ويبرأ ويعد هذا منه كتسليمها له بثمنها ، ويحل له وطؤها إن قبلها وإلا فليبعها على هذا التسليم ، ويشهد عدلين أنه إنما باعها عليه ، ويقبض ثمنها الذي باع به أولا ويوقف ما زاد عليه ، فمهما [ ص: 320 ] أقر المشتري الأول فهو له ، ورأيت لسحنون في كتاب ابنه أنها لا تحل للبائع ، وإنما ذلك إذا لم يقبلها ا هـ .

أبو علي به تفهم ما أشكل والداء الذي أعضل وأن صاحب القول المفصل هو الذي أصاب المفصل ، والأجوبة التي ذكرها " ز " ضعيفة لأن قوله في الأول مع قطع النظر عن كذب الكاذب هو الموجب لكون الفسخ ظاهرا فقط ، وقوله في الثاني لما تراضيا على الحلف إلخ يقال عليه أن الصادق في نفس الأمر إنما رضي بحلف الكاذب لعجزه عن بيان كذبه ، فإذا وجد بينة أو أقر له خصمه فهو كالإقرار بعد الصلح على الإنكار وهو يقيد الفسخ ظاهرا فقط ، ويرد الثالث بأن القضاء يعم المال وغيره وفي الصحيحين { عن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أنا بشر مثلكم ، وإنكم تختصمون إلي ، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض ، فأقضي له على نحو ما أسمع فمن قضيت له من حق أخيه شيئا فلا يأخذه ، فإنما أقطع له قطعة من نار } .




الخدمات العلمية