الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 440 ] أو في قرض مع دين قديم ، وصح في الجديد

التالي السابق


وعطف على بيع فاسد فقال ( أو ) رهن ( في قرض ) جديد ( مع دين قديم ) لربه على أن يكون رهنا فيهما بطل الرهن في الدين القديم وصار الرهن كله ( وصح ) الرهن كله ( في ) القرض ( الجديد ) فإن فلس الراهن أو مات اختص الرهن بالجديد على الأصح وظاهر كلامه كابن الحاجب كان الدين الأول برهن أو لا ، وهو مذهب المدونة ، كان في الرهن الأول وفاء أو لا ، وهو كذلك ، كان الأول حالا أو لا .

الحط نصها وإن أسلفت سلما بلا رهن أو به ثم أسلفته سلفا آخر على أن تأخذ منه رهنا بالسلف الأول والثاني وجهلتما أن الثاني فاسد فقام الغرماء على الراهن بفلس أو موت فالرهن الأول في السلف الأول ، والثاني في الثاني ، ولا يكون الرهن الثاني رهنا في شيء من السلف الأول . ا هـ . وقوله مع دين قديم أي سواء كان من قرض أو بيع .

( تنبيهات ) الأول : في التوضيح مقتضى كلام الجواهر أنه إن اطلع على هذا الرهن قبل قيام الغرماء يرد ولا يؤخذ من كلام ابن الحاجب .

الثاني : الحط كلام المصنف نص في صحة الرهن ولم أقف على ذلك لغيره ، بل قال أبو الحسن انظر لو عثرنا على هذا قبل حلول الأجل هل يرد السلف أو يقال إذا أسقط مشترط الشرط شرطه يمضي ا هـ . طفي مراده بالصحة اختصاصه به عن الغرماء وحبسه في دينه إن فات بيد المقترض كما هو المذهب في الرهن في البيع الفاسد ، وكيف يفهم من كلامه الصحة مطلقا مع أن القرض فاسد وبه يندفع قول الحط ، كلامه نص إلخ وكلام المصنف يؤيد الاعتراض عليه في قوله وباشتراطه في بيع فاسد كما أشار له " س " .

عب وفائدته أي الحكم بالصحة في الجديد أنه إذا لم يطلع عليه إلا بعد قيام الغرماء على الراهن أو بعد موته كان المرتهن أحق به في الجديد فقط ويحاصص بالقديم كان من بيع أو قرض ، فمعنى قوله صح في الجديد أنه يختص به المرتهن إذا حصل للراهن مانع [ ص: 441 ] لا الصحة المقابلة للفساد لأنه فاسد ، ولذا يجب رده حيث كان قائما فقد تجوز في إطلاق الصحة على الاختصاص . البناني قوله فمعنى قوله صح في الجديد أنه يختص به إلخ هو الصواب ، وبه يندفع قول " ح " كلامه نص إلخ .

قلت تأمل جوابهم هذا مع قول الحط في التنبيه الثالث من التنبيهات السابقة عقب شرح قوله وباشتراطه في بيع فاسد لا معنى لصحة الرهن إلا لتوثق به ولا لبطلانه إلا عدمه .

الثالث : قيد ابن المواز المسألة بكون الدين القديم مؤجلا ، قال أما لو كان حالا أو حل أجله لصح ذلك إذا كان الغريم مليا لأن رب الدين قد ملك أخذه ، فتأخيره كابتداء سلف . ابن المواز وكذا عندي لو كان عديما وكان الرهن له ولم يكن دين محيط لأنه حينئذ كالمليء . ا هـ . وأكثرهم على أنه تقييد قاله الحط .

الرابع : الحط انظر لو كان الثاني غير قرض بل من ثمن بيع وشرط أن الأول داخل في رهن الثاني والظاهر الجواز . عب مفهوم قوله من قرض أنه لو كان في بيع جديد لصح في البيع القديم والجديد وهو كذلك ، بل يجوز ابتداء لانتفاء علة المنع المتقدمة فيما إذا كان الدين الطارئ قرضا . البناني غره قول الحط والظاهر الجواز وهو قصور فقد صرح ابن القاسم بالحرمة كما في " ق " ، ونصه وانظر إن كان لك ثمن شيء ثم طلب منك دنانير تسلما له على شيء . قال في الرواية هذا جائز إذا كان الدين الأول لم يحل قبل ، فإن أراد أن يرتهن مع ذلك رهنا بالأول والآخر قال ذلك حرام . ابن رشد اشترط كون المبايعة الثانية قبل حلول الأولى لئلا يقضيه الدنانير التي أسلمها في الطعام الذي له عليه فتكون قد رجعت إليه دنانيره وآل أمرهما إلى فسخ الثمن الذي كان له عليه في طعام إلى أجل ولم يجز إذا هو أسلم إليه الدنانير في طعام قبل حلول الأجل أن يرهن منه رهنا بالأول والآخر لأنه غرر إذ لا منفعة له في الرهن ، فإن وقع فسخت معاملتهما ورد إليه دنانيره وكان جميع الرهن رهنا بالأقل منها أو من الطعام الذي ارتهنه به ولم يكن شيء منه في الدين على مذهب ابن القاسم وروايته عن مالك في المدونة . ا هـ . وصرح أبو الحسن [ ص: 442 ] بأن دين البيع مثل دين القرض في الفساد والله أعلم .




الخدمات العلمية