الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 224 ] وفي عهدة السنة بجذام وبرص وجنون بطبع أو مس جن ، لا بكضربة إن شرطا أو اعتيدا ، .

[ ص: 225 ] وللمشتري : إسقاطهما . .

[ ص: 224 ]

التالي السابق


[ ص: 224 ] ( و ) رد الرقيق ( في ) بيعه بشرط ( عهدة ) أي ضمان البائع له في ( السنة ) من جذام وبرص وجنون ( ب ) حدوث ( جذام وبرص وجنون ) قال فيها : ولو جن في رأس شهر واحد من السنة ثم لم يعاوده لرد ، إذ لا يعرف ذهابه ، ولو جن عنده مرة في السنة ثم انقطع فلا يجوز بيعه حتى يبين إذ لا يؤمن عودته ، ولو أصابه في السنة جذام أو برص وبرئ قبل علمه المبتاع فلا يرد إلا أن يخاف عودته أهل المعرفة وليس له رده بجرب أو حمرة ، وإن انسلخ وورم ولا بالبهق في السنة ولو أصابه صمم أو خرس فلا يرد إذا كان معه عقله . ابن شاس إنما اختصت عهدة السنة بهذه الثلاثة لأن هذه الأدواء تتقدم أسبابها ، ويظهر منها ما يظهر في فصل من فصول السنة دون فصل بحسب ما أجرى الله تعالى فيه من العادة باختصاص تأثير ذلك السبب بذلك الفصل . وقيد الجنون بقوله ( ب ) فساد ( طبع ) من الطبائع الأربعة كغلبة السوداء ( أو ) ب ( مس جن ) الرقيق أي دخوله فيه وتغييبه عن إحساسه لأنه لا يزول ، وإن زال فالغالب عوده ( لا ) إن كان الجنون ( بكضربة ) وطربة وخوف فلا يرد به لإمكان زواله بمعالجته وأمن عوده وقدم رده بجنون أصله بطبع فقط لسريانه لا بمس جن أو ضربة لعدم سريانه ، وذكر هنا رده بالأولين حيث بيع بعهدة سنة ، فإن بيع بغيرها فلا يرد بالحادث ويرد بالقديم إن كان بطبع أو مس جن لا بكضربة لقوله وبما العادة السلامة منه .

ومحل العمل بالعهدتين ( إن شرطا ) بضم الشين المعجمة وكسر الراء وجرد الفعل من تاء التأنيث الواجبة في رافع ضمير مؤنث ولو مجازي التأنيث باعتبار عنوان الضمانين ( أو ) لم تشترطا و ( اعتيدا ) في بيع الرقيق الحط يريد أو حمل السلطان الناس عليهما ، ولعله اكتفى عنه بقوله اعتيد أو في اشتراطهما من التصريح بهما ، ولا يكفي قوله اشترى على عهدة الإسلام فإنها الضمان من العيب والاستحقاق قال في [ ص: 225 ] النوادر : قال ابن القاسم : وإذا كتب في الشراء في غير بلد العهدة وله عهدة المسلمين لم ينفعه ذلك ، إذ لم تجر فيهم . ا هـ . ونقله ابن يونس أيضا ، ومفهوم الشرط عدم العمل بهما إن لم تشترطا ولم تعتادا ولم يحمل السلطان الناس عليهما ، وهذه رواية المصريين ، وروى المدنيون أنه يقضى بها في كل بلد وإن لم يكن شرط ولا عادة وفي البيان قول ثالث لابن القاسم في الموازية لا يحكم بها بينهم وإن اشترطوها ، وعلى رواية المدنيين يجب حمل الناس عليها وعلى رواية المصريين فروى ابن القاسم يستحب حملهم عليها .

وروى أشهب لا يحمل أهل الآفاق عليها انظر التوضيح بناني ( وللمشتري إسقاطهما ) أي العهدتين عند البائع بعد وقوع العقد عليهما بشرط أو إعادة لأنه حق له ، فله ترك القيام بما يحدث زمنهما لا يقال هذا إسقاط للشيء قبل وجوبه لأنا نقول : سبب وجوبه جرى وهو زمان العهدة ، وللبائع ذلك قبل البيع لا بعده ، ولا يخالف هذا قوله وأن لا عهدة أي لا يعمل بشرط عدمها لأن المراد بها عهدة الإسلام وهو ضمان المبيع من عيب قديم أو استحقاق ، والكلام هنا في ضمان ما يحدث بالمبيع في الثلاث أو السنة الحط انظر إذا شرط البائع إسقاطهما حكي في التوضيح هنا عن ابن رشد أن ذلك له ، وحكي بعد هذا في الكلام على ثياب مهنة العبد أنه لا يوفى له بالشرط ، وعليه اقتصر في المختصر هناك فقال : وهل يوفى بعدمها أو لا كمشترط زكاة ما لم يطب وأن لا عهدة إلخ ، وقد بسطت القول في ذلك في تحرير الكلام على مسائل الالتزام ، وملخص ما فيها إذا كانت جارية بالبيع على العهدة واشترط البائع في عقد البيع إسقاطها عنه فقيل : يصح البيع ويوفى له بالشرط ولا عهدة له عليه وقيل : يسقط الشرط ولا يوفى له به حكاهما اللخمي واختار الأول وخرج ثالثا بفساد البيع لفساد الشرط ، ورده المازري بأن هذا في الشرط المتفق على فساده ، وأما المختلف فيه اختلافا مشهورا فلا يوجب فسادا ، ثم قال : والحاصل أن كلا من القولين الأولين قوي مرجح ، وأما الثالث فضعيف .

[ ص: 226 ] والأظهر من القولين الأولين ما اقتصر عليه خليل في مختصره لأنه من باب إسقاط الحق قبل وجوبه




الخدمات العلمية