الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وكبيع وشرط يناقض المقصود : . [ ص: 52 ] كأن لا يبيع .

[ ص: 53 ] إلا بتنجيز العتق .

[ ص: 54 ] ولم يجبر إن أبهم كالمخير : .

التالي السابق


( وكبيع وشرط يناقض ) الشرط ( المقصود ) من البيع للنهي عنه فقد روى عبد الحق في أحكامه عن عمرو بن شعيب عن جده قال { : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع وشرط } ، [ ص: 52 ] وحمله أهل المذهب على وجهين : أحدهما الشرط الذي يناقض مقتضى العقد ، والثاني الشرط الذي يعود لخلل في الثمن ، فأما الشرط الذي يناقض مقتضى العقد فهو الذي لا يتم معه المقصود من البيع ( ك ) شرط ( أن لا يبيع ) المشتري المبيع لأحد من الناس أو إلا من نفر قليل . وأما إن شرط عليه أن لا يبيعه لفلان أو نفر قليل فيجوز اللخمي إن باعه على أن لا يبيعه من فلان وحده جاز ، وإن قال : على أن لا تبيعه جلدا أو لا تبيعه إلا من فلان فسد ، ثم قال : وإن قال على ، أن لا تبيع من هؤلاء النفر جاز .

وفي سماع علي بن زياد سئل مالك " رضي الله عنه " عمن باع عبدا أو غيره وشرط على المبتاع أن لا يبيعه ولا يهبه ولا يعتقه حتى يعطيه ثمنه ، قال لا بأس بهذا ، لأنه بمنزلة الرهن إذا كان إعطاء الثمن لأجل مسمى ا هـ . ومثل أن لا يبيع وأن لا يهب أو لا يخرجه من البلد أو على أن يتخذها أم ولد أو يعزل عنها أو لا تجيزها البحر . الحط ومن البيع والشرط المناقض للمقصود بيع الثنيا وهو من البيوع الفاسدة . قال في المدونة ومن ابتاع سلعة على أن البائع متى رد الثمن فالسلعة له فلا يجوز لأنه بيع وسلف . سحنون بل سلف جر منفعة أبو الحسن هذا يسمى بيع الثنيا . واختلف إذا نزل هل يتلافى بالصحة كالبيع والسلف أم لا على قولين . ا هـ . يعني بإسقاط الشرط . الرجراجي اختلف إذا أسقط المشتري الثنيا شرطه فهل يجوز البيع أم لا على قولين ، أحدهما : أن البيع باطل والشرط باطل وهو المشهور .

والثاني : أنه جائز إذا أسقط شرطه وهو قوله في كتاب محمد الشيخ وقد فسخ الأول أبو الحسن معنى قوله فيها بيع وسلف أنه تارة يكون بيعا وتارة يكون سلفا لا أنه له حكم البيع والسلف في الفوات ، بل فيه القيمة ما بلغت إن فاتت السلعة ، وفي معين الحكام لا يجوز بيع الثنيا وهو أن يقول : أبيعك هذا الملك أو هذه السلعة على أني إن أتيت بالثمن إلى مدة كذا أو متى آتيك به فالبيع مصروف عني ، ويفسخ ما لم يفت بيد المبتاع فتلزمه قيمته يوم قبضه ، وفوت الأصول لا يكون إلا بالبناء والهدم والغرس ونحو ذلك ، هذا هو المشهور من المذهب والراجح أن غلته للمشتري .

[ ص: 53 ] واستثنى من الشرط المناقض للمقصود فقال : ( إلا ) شرطا ملتبسا ( بتنجيز العتق ) من المشتري للرقيق الذي يشتريه فهو جائز وإن كان مناقضا لمقتضى العقد لتشوف الشارع للحرية ، ولحديث بريرة ، وقال في المدونة لأن البائع تعجل الشرط بما وضع من الثمن فلم يقع فيه غرر ، واحترز بالتنجيز من التدبير والعتق لأجل والإيلاد ، فإن ذلك لا يجوز [ ص: 54 ] للغرر بموت السيد أو الأمة قبل ذلك وبحدوث دين برد المدبر ، فإن فات المبيع فلبائعه الأكثر من قيمته يوم قبضه المبتاع ومن ثمنه . والظاهر أن شرط التحبيس كشرط تنجيز العتق ، وفي سماع ابن القاسم ما يدل على هذا وفي الذخيرة مثل شرط تنجيز العتق شرط الهبة والصدقة عند مالك رضي الله تعالى عنه .

( و ) إن باعه بشرط تنجيز العتق وامتنع المشتري منه بعد العقد ( لم يجبر ) بضم التحتية وسكون الجيم وفتح الموحدة المشتري عليه ( إن ) كان البائع ( أبهم ) أي أطلق في شرطه تنجيز العتق ، أي لم يقيده بإيجاب ولا بخيار ، ولا بأنه حر بنفس الشراء بأن قال له : أبيعكه بشرط أن تعتقه ، واقتصر وعلى هذا فإن امتنع المشتري فلا يجبر عند ابن القاسم . وقال أشهب وسحنون : يجبر . اللخمي وهو أحسن ، وشرط النقد في هذا يفسده لتردده بين السلفية والثمنية لتخيير المشتري في العتق فيتم البيع ، وفي عدمه فيخير البائع في رده وإمضائه ، فإن رده بعد الفوات فعلى المشتري القيمة . وشبه في عدم الجبر على العتق فقال ( ك ) المشتري ( المخير ) بضم الميم وفتح الخاء المعجمة والتحتية مشددة أي الذي خيره البائع بين العتق ورده لبائعه فإنه لا يجبر على عتقه ، وإن امتنع من عتقه فللبائع الخيار بين إمضاء البيع ورده ، ويمتنع النقد بشرط لتردده بين السلفية والثمنية . .




الخدمات العلمية