الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 490 ] إلى قيمته ، ولو بيد أمين على الأصح ، ما لم يفت في ضمان الراهن ، وحلف مرتهنه ، وأخذه ، [ ص: 491 ] إن لم يفتكه ، فإن زاد حلف الراهن ، وإن نقص : حلفا ، وأخذه إن لم يفتكه بقيمته

التالي السابق


وانتهاء شهادة الرهن في قدر الدين ( إلى ) غاية ( قيمته ) أي الرهن يوم الحكم إن بقي واعتبارها إن تلف إذ كان الرهن بيد مرتهنه ، بل ( ولو ) كان الرهن ( بيد أمين ) عليه ( على الأصح ) قاله محمد وصوبه ابن أبي زيد . ابن عرفة وما بيد أمين في كونه شاهدا ولغوه قولا محمد والقاضي وصوب اللخمي الأول لأنه حائز للمرتهن أيضا . ووجه القول الآخر أن الشاهد يكون من قبل رب الحق وما بيد الأمين لم يتمخض كونه للمرتهن فلم يعتبر ، ومحل كون ما بيد الأمين من الرهن شاهدا إذا كان قائما ، فإن فات فلا يكون شاهدا وقد أشار لهذا بقوله ( ما ) أي مدة كونه ( لم يفت ) أي الرهن ( في ضمان الراهن ) بأن كان قائما أو فات في ضمان المرتهن بأن كان مما يغاب عليه وهو بيده ولا بينة بهلاكه ، ومفهومه أنه إن فات في ضمان الراهن بأن قامت على هلاكه بيد المرتهن بينة أو كان مما لا يغاب عليه أو تلف بيد أمين فلا يكون شاهدا بقدر الدين ، والفرق أنه إذا فات في ضمان مرتهنه يغرم قيمته فتقوم مقامه ، وإذا فات في ضمان الراهن فلا يضمن قيمته فلا يوجد ما يقوم مقامه فهو كدين بلا رهن فالقول قول المدين .

ورتب على كونه كالشاهد ثلاثة أحوال للرهن فقال ( وحلف مرتهنه ) أي الرهن الذي شهد الرهن له بقدر دينه ( وأخذه ) أي المرتهن الرهن في دينه لثبوته بشاهد ويمين على المشهور لأن المدعي بمال إذا أقام عليه شاهدا وحلف معه فلا يحلف المدعى عليه معه ، ومقابله يحلف الراهن إذا حلفه المرتهن ليسقط عن نفسه كلفة بيع الرهن . ولأن المرتهن [ ص: 491 ] يخشى استحقاق الرهن أو ظهور عيبه وصححه عياض ، فإن نكل المرتهن عن الحلف مع الرهن حلف الراهن وعمل بقوله ، فإن نكل أيضا عمل بقول المرتهن أيضا فيعمل بقوله إن حلف أو نكلا ( إن لم يفتكه ) أي الراهن الرهن بما ادعاه المرتهن وشهد له به الرهن من قدر الدين وظاهر قوله أخذه ولو زادت قيمته على ما ادعاه وهو كذلك لأن الراهن قد سلمه له بما ادعاه .

وأشار إلى الحالة الثانية بقوله ( فإن زاد ) ما ادعاه المرتهن على قيمة الرهن ووافقت دعوى الراهن ( حلف الراهن ) وأخذه ودفع ما أقر به ، فإن نكل حلف المرتهن وعمل بقوله ، فإن نكل أيضا عمل بقول الراهن فيعمل بقوله إذا حلف أو نكلا .

وأشار إلى الحالة الثانية بقوله ( وإن نقص ) ما ادعاه الراهن عن قيمة الرهن ونقصت قيمته عن دعوى المرتهن بأن قال المرتهن رهن على عشرين والراهن على عشرة وقيمة الرهن خمسة عشر ( حلفا ) أي المتراهنان ويبدأ المرتهن بالحلف لأن الرهن كالشاهد للمرتهن إلى قيمته يحلف كل منهما على نفي دعوى الآخر وتحقيق دعواه ويقدم النفي على الإثبات ( وأخذه ) أي المرتهن الرهن في دينه ، وكذا إن نكلا ( إن لم يفتكه ) أي الراهن الرهن ( بقيمته ) يوم الحكم ، فإن افتكه أخذه بها لا بما حلف عليه المرتهن لأنه زائد عليها واعتبر هنا فكه بها فقط لذلك وأخذه فيما مر بما حلف عليه ولو زادت قيمته عليه لتسليم الراهن الرهن له به وشهادة الرهن له . تت تنكيت في قوله حلفا إجمال لاحتماله حلف كل على طبق دعواه وهو قول مالك رضي الله تعالى عنه في الموطإ وبه قرره الشارح ، وتخييره بين حلفه عليها وحلفه على قيمة الرهن فقط وهو قول ابن المواز .




الخدمات العلمية