الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 73 ] وله القيمة قائما على المقول والمصحح ، وفي بيعه قبل قبضه مطلقا : تأويلان ، . .

[ ص: 73 ]

التالي السابق


[ ص: 73 ] و ) إن كان الغرس أو البناء في أقل من الربع ورد المشتري جميع المبيع ف ( له ) أي المشتري على البائع ( القيمة ) للغرس أو البناء معتبرة يوم الحكم حال كونه ( قائما ) مؤيدا لأنه فعله بشبهة ، كمن بنى أو غرس في أرض فاستحقت منه قاله التونسي ( على المقول ) أي مختار المازري من الخلاف ( والمصحح ) بفتح الحاء الأولى أي مختار ابن محرز منه ( وفي ) مضي ( بيعه ) أي المبيع بيعا فاسدا من المشتري أو البائع بيعا صحيحا ( قبل قبضه ) من بائعه أو مشتريه بأن باعه المشتري قبل قبضه من بائعه ، أو البائع بعد قبضه المشتري وقبل رده له وعدمه ( مطلقا ) عن تقييده بكونه عقارا أو عرضا أو حيوانا أو مثليا ولم يحصل فيه مفوت ( تأويلان ) الأول لابن محرز وجماعة والثاني لفضل وابن الكاتب .

وعلى الأول فإن كان البائع له المشتري لزمه قيمته يوم بيعه أي المشتري بيعا صحيحا ، وهذا مخصص لما تقدم أنه تلزمه قيمته يوم قبضه إن فات ، وإن كان البائع فبيعه نقض للبيع الفاسد فيرد للمشتري فاسدا ثمنه إن كان قبضه منه وسقط عنه إن لم يقبضه منه . وعلى الثاني فإن كان الذي باعه المشتري يفسخ بيعه ويرد لبائعه الأول ، ويرد ثمنه إن كان قبضه . وإن كان الذي باعه البائع كان بمنزلة ما إذا لم يحصل فيه بيع من بائعه بعد قبض مشتريه فالتأويلان في بيع المشتري قبل قبضه من البائع ، وفي بيع البائع بعد قبض المشتري وقبل رده له . وبقيت صورة ثالثة فيها التأويلان أيضا وهي بيعة البائع بيعا صحيحا بعد تمكين مشتريه فاسدا من قبضه وقبل قبضه بالفعل ، وأما قبل تمكينه منه فماض باتفاق فلا تدخل هذه في كلامه . الحط في التوضيح عن الجواهر لو باع ما اشتراه شراء فاسدا قبل قبضه فقد رأى [ ص: 74 ] المتأخرون في نفوذ بيعه وهو بيد بائعه قولان ، قالوا : وكذلك عكسه وهو بيع البائع ما باعه بيعا فاسدا بعد قبض من اشتراه شراء فاسدا وجعلوا سبب الخلاف كون البيع الفاسد ينقل شبهة الملك أم لا ، ثم قال : وحكى ابن بشير هذا الخلاف أيضا ا هـ .

ونص ابن بشير وإن كان الفوات بأن أحدث المشتري فيه حدثا من عتق أو إعطاء أو بيع ، فإن كان في يد البائع فهل يمضي فعل المشتري ويكون فوتا قولان ، وهما على الخلاف في البيع الفاسد هل ينقل شبهة الملك أم لا ، ولو كان الأمر بالعكس فأحدث البائع فيه عقدا وهو في يد المشتري ففي مضيه قولان وهما على الخلاف في نقل شبهة الملك فلا يمضي أو عدمه فيمضي ا هـ . ثم قال الحط والظاهر من القولين فيما إذا باعه مشتريه قبل قبضه الإمضاء قياسا على العتق والتدبير والصدقة كما في كلام ابن يونس وأبي إسحاق التونسي قال فيها : وكل بيع فاسد فضمان ما يحدث بالسلعة في سوق أو بدن من البائع حتى يقبضها المبتاع وإن كانت جارية فأعتقها المبتاع قبل قبضها أو كاتبها أو دبرها أو تصدق بها فذلك فوت إن كان له مال ا هـ . ابن يونس إن حدث بها عيب أو تغير سوق أو بدن قبل القبض فذلك من البائع ، بخلاف العتق وما معه ، فإن أحدثه المبتاع فيضمن بما أحدث إذا كان يقدر على ثمنها ، واختلف إن باعها قبل قبضها ، فحكي عن ابن أبي زيد أنه ليس بفوت ، بخلاف العتق لأن له حرمة .

وحكي عن أبي بكر بن عبد الرحمن أنه فوت وإن لم يقبضها المبتاع كالصدقة . ابن يونس وهذا أشبه بظاهر الكتاب لأنه أمر أحدثه المبتاع ولأن الصدقة تفتقر للقبض والبيع لا يفتقر له ، فإذا كانت فوتا فهو أحرى أن يكون فوتا ا هـ ، ونحوه لأبي إسحاق . ونقل الحط كلامه وكلام عياض ثم قال فحاصل كلامهم ترجيح القول بنفوذ البيع وأنه مفوت ، وكذلك الظاهر من القولين اللذين في العكس وهو أن يبيعه بائعه وهو بيد مشتريه قبل قبضه منه برده إليه الإمضاء أيضا . طفي الخلاف في بيع البائع والمشتري لكن محل التأويلين في بيع المشتري كما في [ ص: 75 ] كلام عياض وغيره ، وفيه أيضا قولان لمالك رضي الله تعالى عنه في الموازية . قال في التنبيهات : واختلفوا في تأويل المدونة في البيع الذي يفيت البيع الفاسد هل من شرطه كونه بعد القبض ، وإليه ذهب بعضهم ، واحتج بقوله في العيوب وعليه قيمتها يوم قبضها ومثله لمالك رضي الله تعالى عنه في كتاب محمد .

وقال آخرون : بيعها فوت على كل حال قبضها أو لا ، وفي كتاب محمد لمالك مثله أيضا ، ثم قال : وقد نقل الحط كلامه ولم يتنبه لمحل التأويلين وعممهما ، واستدل بكلام ابن شاس وهو إنما ذكر الخلاف ولم يتعرض للتأويلين فلذا عمم والله أعلم . .




الخدمات العلمية