الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا قطع رجل أصبع رجل عمدا أو خطأ فصالحه منها على ألف درهم ، ثم شلت أصبع أخرى سواها ، فلا شيء له عليه في قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله ; لأنه أسقط بالصلح موجب ذلك القطع وذلك يعم الأصبع الأولى والثانية وعند أبي حنيفة رحمه الله : عليه أرش الأصبع الأخرى ; لأنه إنما أسقط بالصلح قصاصا واجبا في الأصبع ، فلا يتناول الصلح الأصبع الأخرى فيلزمه أرشها إلا أن هنا لا يتبين بهذه السراية أن الأصبع الأولى لم تكن مستحقة له فيبقى الصلح عنها صحيحا بخلاف الأول ، فإن هناك بالسراية إلى النفس يتبين أن الشجة لم تكن مستحقة له قصاصا فكان الصلح باطلا ; لأنه صالح من غير حقه ، وإذا كانت الشجة موضحة فصالحه منها على مائة درهم فصارت منقلة ، فلا يبقى عليه شيء عندنا لما قلنا ، وعند أبي حنيفة رحمه الله : عليه ألف وأربعمائة درهم ; لأن المنقلة غير الموضحة والموضحة ما يوضح العظم ، ولا يؤثر فيه والمنقلة ما يكسر العظم وينقله من موضعه ، وهو إنما أسقط من موضحة موجبة له قصاصا ، وقد تبين أنها لم تكن حقا له ، وإنما كان حقه في المنقلة وأرش المنقلة عشر الدية وذلك ألف وخمسمائة استوفى من ذلك مائة فالباقي عليه ألف وأربعمائة .

التالي السابق


الخدمات العلمية