الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو قطع رجل يد رجل عمدا فصالحه على خمر أو خنزير أو على حر ، وهو يعرفه فهو عفو ، ولا شيء للمقطوعة يده ; لأنه أسقط حقه بغير عوض فالخمر والخنزير والحر ليس بمال متقوم ، فلا يكون هو باشتراطه طالبا للعوض عن إسقاط القود ، ولم يصر مغرورا من جهة القاطع ، فلا يرجع عليه بشيء كما في الخلع إذا خالع امرأته على خمر أو خنزير أو حر ، وهذا بخلاف النكاح ، فإنه لو تزوجها على خمر أو خنزير أو حر كان لها مهر مثلها ; لأن استحقاق مهر المثل هناك باعتبار صحة النكاح لا باعتبار تسمية العوض حتى لو لم يسم شيئا وجب مهر المثل في النكاح ، والصلح عن دم العمد استحقاق البدل باعتبار تسمية البدل حتى لو لم يسم له شيئا كان العفو مجانا وعلى هذا التحقيق يتبين أنه لا فرق ، فإنا نجعل تسمية الخمر والخنزير وجودها كعدمها في المواضع كلها ، وهذا لأنه يتملك الزوج بالنكاح ما هو متقوم مصون عن الابتذال ، فلا يملك إلا بعوض إظهارا لخطره وهنا من له القود يسقط القود ، ولا يملك القاتل شيئا وإسقاط القود غير مصون عن التبذل فلهذا لا يجب المال إلا باعتبار تسمية عوض هو مال متقوم .

وكذلك لو صالح على أن يقطع رجله فهذا عفو مجانا ; لأنه لو لم يسم عوضا مالا هو متقوم فكان ذكره والسكوت عنه سواء ، ولو كان القتل خطأ كان عليه الدية ; لأن هذا صلح من مال فيكون كسائر صلح الديون إذا بطل بقي المال واجبا كان هو الدية .

التالي السابق


الخدمات العلمية