الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              كتاب الاغتسال من الجنابة

                                                                                                                                                                              ذكر إسقاط الاغتسال عمن جامع إذا لم ينزل، وإيجاب غسل ما مس المرأة منه .

                                                                                                                                                                              561 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن ابن جريج، حدثني هشام بن عروة، عن عروة، عن أبي أيوب الأنصاري، حدثني أبي بن كعب، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا جامع أحدنا فأكسل ولم يمن، فليغسل ما مس المرأة منه وليتوضأ.

                                                                                                                                                                              562 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن الثوري ، عن الأعمش، عن ذكوان، عن أبي سعيد قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا أعجل أحدكم أو أقحط فلا يغتسل. قوله: أقحط لا ينزل [ ص: 196 ]

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: وقال غيره: هو من قولهم قحط المطر إذا انقطع أو قل، وقوله: الماء من الماء أي: أن الغسل من المني، وقوله: أكسل هو أن يجامع فيدركه فتور، ولا ينزل ، وقد اختلف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ومن بعدهم في هذا الباب فممن روي عنه أنه قال: لا غسل عليه، أو قال: الماء من الماء: علي، وابن مسعود، وأبو سعيد، وابن عباس، وأبي، وسعد بن أبي وقاص، ورافع بن خديج، وأبو أيوب، وقال زيد بن خالد: سألت خمسة من المهاجرين فكلهم قال: الماء من الماء، وروي ذلك عن عروة.

                                                                                                                                                                              563 - حدثنا يحيى، نا مسدد، نا يحيى، عن شعبة، حدثني منصور، عن هلال بن إساف، عن خرشة بن حبيب، عن علي، أن رجلا، قال له: الرجل يأتي أهله فلا ينزل قال: ليس عليه غسل.

                                                                                                                                                                              564 - حدثنا يحيى، ثنا مسدد، نا يحيى بن سفيان، وشعبة، عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، قال: سمعت ابن مسعود يقول: الماء من الماء [ ص: 197 ]

                                                                                                                                                                              565 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن ابن جريج قال: قال لي عطاء سمعت ابن عباس يقول: الماء من الماء.

                                                                                                                                                                              566 - حدثنا علي بن الحسن، نا عبد الله، عن سفيان، عن الأعمش، عن ذكوان، عن أبي سعيد قال: إذا أتى أحدكم أهله فأعجز فلم ينزل، فلا يغتسل.

                                                                                                                                                                              567 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن ابن عيينة، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن زيد بن خالد قال: سألت خمسة من المهاجرين كلهم قالوا: الماء من الماء.

                                                                                                                                                                              568 - حدثنا إبراهيم بن عبد الله، أنا يزيد، أنا يحيى، عن عبد الله بن كعب الحميري، عن محمود بن لبيد، أنه سأل زيد بن ثابت عن الرجل يصيب أهله، ثم يكسل قبل أن ينزل فقال زيد: يغتسل. قال [ ص: 198 ] محمود: فقلت لزيد: إن أبي بن كعب كان لا يرى عليه غسلا قال: إن أبيا قد نزل عن ذلك قبل أن يموت.

                                                                                                                                                                              569 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، أخبرني إسماعيل الشيباني، أنه خلف على امرأة لرافع فأخبرته أن رافعا كان يعزل عنها من أجل جراح كان بها لئلا تغتسل، قال ابن عيينة: فأخبرني عثمان بن أبي سليمان، عن نافع بن جبير، عن إسماعيل أن رافعا كان يقول لها: أنت أعلم يقول: إن أنزلت فاغتسلي.

                                                                                                                                                                              570 - وحدثونا عن إسحاق، أنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه، أنه كان يقول: تعزل عن المرأة، فإذا لم تنزل لم تغتسل.

                                                                                                                                                                              571 - حدثونا عن بندار، نا محمد، نا شعبة سمعت حميد بن نافع، يحدث عن ابن وهب، عمن تزوج امرأة أبي أيوب، فحدثته أن أبا أيوب كان يأتيها فإذا لم ينزل لم يغتسل. [ ص: 199 ]

                                                                                                                                                                              وأوجبت طائفة الاغتسال بالتقاء الختانين، وقالت: قد كان ما روي عن أبي، وغيره في أول الأمر، ثم أمر الناس بالاغتسال بعد.

                                                                                                                                                                              572 - حدثنا علان بن المغيرة، نا أبو اليمان، أنا شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري قال: قال سهل بن سعد، وقد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم فسمع منه، وذكر أنه ابن خمس عشرة يوما توفي النبي صلى الله عليه وسلم، قال حدثني أبي أن الفتيا التي كانوا يفتون أن الماء من الماء رخصة، كان النبي صلى الله عليه وسلم رخص فيها أول الإسلام، ثم أمر بالاغتسال بعد .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: ومن مذهبه أن الاغتسال يجب إذا جاوز الختان الختان وإذا التقى الختانان فيما روي عنهم: عمر، وعثمان، وعلي، وابن مسعود، وابن عمر، وابن عباس، وأبو هريرة، وعائشة، وشريح، وعبيدة، والشعبي.

                                                                                                                                                                              573 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن ابن المسيب قال: كان عمر، وعثمان، وعائشة، والمهاجرون الأولون يقولون: "إذا مس الختان الختان وجب الغسل" .

                                                                                                                                                                              574 - حدثنا الحسن بن علي بن عفان، ثنا أسباط، عن الشيباني، عن بكير بن الأخنس، عن ابن المسيب قال: سمعت عمر يقول على المنبر [ ص: 200 ] لا أجد أحدا جامع امرأته ولم يغتسل أنزل أو لم ينزل إلا عاقبته.

                                                                                                                                                                              575 - حدثنا يحيى، نا مسدد، نا حماد بن زيد، عن عاصم ابن بهدلة، عن زر، عن علي قال: إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل.

                                                                                                                                                                              576 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن الثوري ، عن جابر، عن الشعبي، حدثني الحارث، عن علي، وعلقمة، عن عبد الله، ومسروق، عن عائشة قالوا: إذا جاوز الختان الختان وجب الغسل، قال مسروق: وكانت أعلمهم بذلك.

                                                                                                                                                                              577 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن الثوري ، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، أن ابن مسعود سئل عن ذلك، فقال: إذا بلغت ذلك اغتسلت، قال سفيان: والجماعة على الغسل [ ص: 201 ]

                                                                                                                                                                              578 - حدثنا علي بن الحسن، نا عبد الله، عن سفيان، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، أنه كان يقول: إنه كان إذا خالف الختان الختان فقد وجب الغسل.

                                                                                                                                                                              579 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن ابن جريج، عن نافع، عن ابن عمر فذكره، قال: وكانت عائشة تقوله.

                                                                                                                                                                              580 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن ابن عيينة، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس قال: أما أنا فإذا خالطت أهلي اغتسلت.

                                                                                                                                                                              581 - حدثنا علي بن عبد العزيز ، نا حجاج، نا حماد، عن قتادة، وحميد، وحبيب، عن الحسن، عن أبي هريرة قال: إذا غشي الرجل امرأته فقعد بين شعبها الأربع، ثم اجتهد بها نفسه فقد وجب الغسل أنزل أو لم ينزل [ ص: 202 ]

                                                                                                                                                                              582 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن ابن جريج، عن عطاء، أن عائشة قالت: إذا التقى الختانان وجب الغسل.

                                                                                                                                                                              وبه قال مالك ومن تبعه من أهل المدينة، وكذلك قال سفيان، وجماعة من أهل العراق من أصحاب الرأي، وغيرهم، وهذا قول الشافعي وأصحابه.

                                                                                                                                                                              وبه قال أحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وهو قول كل من نحفظ عنه من أهل الفتيا من علماء الأمصار، ولست أعلم اليوم بين أهل العلم فيه اختلافا، وكذلك نقول للأخبار الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم الدالة على ذلك.

                                                                                                                                                                              583 - حدثنا علي بن عبد العزيز ، نا مسلم بن إبراهيم، نا شعبة، عن قتادة، عن الحسن، عن أبي رافع، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ ص: 203 ] إذا جلس بين شعبها الأربع، والزق الختان بالختان، فقد وجب الغسل.

                                                                                                                                                                              584 - حدثنا أبو حاتم الرازي، نا الأنصاري، حدثني هشام بن حسان، حدثني حميد بن هلال، عن أبي بردة، عن أبي موسى، عن عائشة قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم إذا جلس بين شعبها الأربع، ومس الختان الختان فقد وجب الغسل، وقال الشافعي: قال الله تعالى: ( ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا ) فكان معروفا في لسان العرب أن الجنابة الجماع، وإن لم يكن مع الجماع ماء دافق، وكذلك ذلك في حد الزنا، وإيجاب المهر، وغيره.

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية