الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر الضبع

                                                                                                                                                                              911 - أخبرنا إسحاق، أبنا عبد الرزاق، أبنا ابن جريج، أخبرني عبد الله بن عبيد، أن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمار أخبره قال: " سألت جابر بن عبد الله عن الضبع قلت: آكلها؟ قال: نعم. قلت: أصيدها؟ قال: نعم. قلت: أسمعت ذلك من نبي الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم " .

                                                                                                                                                                              912 - حدثنا عبد الله بن أحمد، ثنا سليمان بن حرب، ثنا جرير بن حازم، عن عبد الله بن عبيد بن عمير، عن عبد الرحمن بن أبي عمار، عن جابر، أن النبي صلى الله عليه وسلم: " جعل الضبع صيدا، وقضى فيها إذا قتلها المحرم كبشا".

                                                                                                                                                                              واحتج غير واحد من أصحابنا بخبر جابر هذا، وجعلوا الضبع مستثنى من جملة نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن كل ذي ناب من السباع.

                                                                                                                                                                              فإن قال قائل: ابن أبي عمار من روى عنه غير عبد الله بن عبيد الله بن [ ص: 449 ] عمير، قيل: روى عنه: ابن جريج، وعمرو بن دينار حديث: قلت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه قول الله عز وجل: ( أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا ) ، رواه ابن جريج عنه، وحديث عمرو بن دينار عنه أنه قال: رأيت ابن عمر يرمي غرابا على ظهر بعير وهو محرم.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: وقد اختلف أهل العلم في أكل الضبع، فرخص أكثر أهل العلم فيه.

                                                                                                                                                                              913 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن معمر، ومالك، عن أبي الزبير، عن جابر، أن عمر: "حكم في الضبع كبشا" .

                                                                                                                                                                              914 - وحدثنا محمد بن الصباح، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن عمرو بن مسلم، عن عكرمة، قال: "لقد رأيتها على مائدة ابن عباس " .

                                                                                                                                                                              915 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن ابن جريج، عن عطاء، أنه سمع ابن عباس يقول: "في الضبع كبش" .

                                                                                                                                                                              916 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، أبنا ابن جريج، أبنا نافع: أن [ ص: 450 ] رجلا أخبر ابن عمر: أن سعد بن أبي وقاص يأكل الضبع، فلم ينكره ابن عمر " .

                                                                                                                                                                              917 - وحدثنا علي بن عبد العزيز ، ثنا أبو نعيم، ثنا نصر بن أوس الطائي أبو المنهال، عن عبد الله بن زيد الطائي، قال: " قلت: يا أبا هريرة أسألك عن الصيد؟ قال: عن أيه تسأل؟ قلت: أسألك عن الضبع؟ قال: وما الضبع؟ فوصفته له، قال: ذلك الفرعل نعجة من الغنم " .

                                                                                                                                                                              918 - حدثنا محمد بن الصباح، ثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، أن عليا رضي الله عنه: "كان يرى الضبع صيدا".

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: قال عكرمة: نعجة سمينة، وقال عروة بن الزبير: ما زالت العرب تأكلها. وكان عطاء بن أبي رباح، ومالك، والشافعي يرون فيه الجزاء على المحرم. ورخص في أكله أحمد بن حنبل، وإسحاق.

                                                                                                                                                                              وقال الأوزاعي: رجال من علماء الحجاز لا يرون بأكل الضبع بأسا؛ لأن المحرم يفديه .

                                                                                                                                                                              وقد روينا عن سعيد بن المسيب أنه كره ذلك، وبه قال الثوري، والليث بن سعد . [ ص: 451 ]

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: والضبع مباح أكلها، وذلك لخبر جابر ولأن كل من نحفظ عنه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إما رآها صيدا، وإما لم يكن يرى بأكلها بأسا، ولم يخالفهم منهم غيرهم، والأكثر من أهل العلم عليه، ولعل من كره ذلك إنما كرهوها على ظاهر نهي النبي صلى الله عليه وسلم، عن كل ذي ناب من السباع، بل لا أحسبهم كرهوها إلا لذلك، لا يجوز أن يظن بهم غير ذلك، والله أعلم.

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية