الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر اختلاف أهل العلم في الانتفاع بالمسك وطهارته

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في الانتفاع بالمسك فأباحت طائفة الانتفاع به، وممن رآه طاهرا ابن عمر، وأنس بن مالك، وروي ذلك عن علي، وسلمان.

                                                                                                                                                                              885 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر: "أنه كان يطيب الميت بالمسك يذر عليه ذرورا" . [ ص: 431 ]

                                                                                                                                                                              886 - حدثنا إسماعيل بن قتيبة، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا عبد الله بن المبارك، عن حميد، عن أنس: "أنه جعل في حنوطه صرة من مسك، أو مسك فيه شعر من شعر النبي صلى الله عليه وسلم" .

                                                                                                                                                                              887 - حدثنا إسماعيل بن قتيبة، ثنا أبو بكر، ثنا حميد بن عبد الرحمن، عن حسن، عن هارون بن سعد، أن عليا: " أوصى أن يجعل في حنوطه مسك، قال: هو فضل حنوط النبي صلى الله عليه وسلم " .

                                                                                                                                                                              888 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن ابن عيينة، عن عطاء بن السائب، عن الشعبي، قال: كان سلمان: " أصاب مسكا من بلنجر فأعطاه امرأته ترفعه، فلما حضر قال لها: أين الذي استودعتك قالت: هو هذا، فأتته، قال: رشيه حولي فإنه يأتي خلق من خلق الله لا يأكلون الطعام ولا يشربون الشراب يجدون الريح ".

                                                                                                                                                                              وممن رخص في المسك للميت ابن سيرين ، وروي ذلك عن سعيد بن المسيب ، وجابر بن زيد.

                                                                                                                                                                              وقال مالك: لا بأس بأن يحنط الميت بالمسك وأن يطيب به الحي، ورخص في الطيب بالمسك للرجال والنساء الليث بن سعد، وهو قول الشافعي ، وأحمد . [ ص: 432 ]

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: والمسك طاهر يستعمله الحي، ويجعل في حنوط الميت للأخبار التي رويناها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                              889 - حدثنا إبراهيم بن محمد بن إسحاق، ثنا مسلم بن إبراهيم، ثنا المستمر بن الريان، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن أطيب الطيب المسك" .

                                                                                                                                                                              890 - حدثنا محمد بن إسماعيل، ثنا يعقوب، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا عبيد الله، ثنا إسرائيل، عن عبد الله بن مختار، عن موسى بن أنس، عن أنس: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان له مسك يتطيب به" .

                                                                                                                                                                              891 - حدثنا يحيى بن محمد، نا مسدد، ثنا مسلم بن خالد، عن موسى بن عقبة، عن أمه، عن أم كلثوم، قالت: " لما تزوج النبي صلى الله عليه وسلم أم سلمة قال لها: "إني قد أهديت إلى النجاشي أواقي من مسك [ ص: 433 ] ، وحلة، وإني لا أراه إلا قد مات، ولا أرى الهدية التي أهديت إلا سترد علي، فإن ردت علي فهي لك". فكان كما قال صلى الله عليه وسلم مات النجاشي وردت عليه الهدية، فلما ردت عليه الهدية أعطى كل امرأة من نسائه أوقية من ذلك المسك، وأعطى أم سلمة سائرها وأعطاها الحلة ".

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: حديث أنس إسناده جيد، واستعمال المسك جائز يستعمله الحي ويجعل في حنوط الميت، وفي أمر النبي صلى الله عليه وسلم المرأة أن تأخذ بعد اغتسالها من المحيض فرصة ممسكة تتبع بها آثار الدم دليل على طهارة المسك .

                                                                                                                                                                              وقد روينا عن غير واحد أنهم كرهوه، وإذا ثبت الشيء عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يضره ما خالفه من الأخبار من دون النبي صلى الله عليه وسلم، على أن حديث عمر لا أحسبه يصح، ولا يعلم الكراهة لاستعمال المسك ثبتت عن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 434 ]

                                                                                                                                                                              892 - حدثنا يحيى بن محمد، ثنا أبو عمر الحوضي، ثنا شعبة، عن الحجاج، عن فضيل، عن عبد الله بن مغفل، أن عمر: "أوصى في غسله أن لا تقربوه بمسك".

                                                                                                                                                                              وقد روينا عن عمر بن عبد العزيز، ومجاهد، والحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح أنهم كرهوا المسك، ولا نعلم تصح كراهية ذلك إلا عن عطاء.

                                                                                                                                                                              وروينا عن مجاهد أنه كان يحب المسك ويعجبه، ويكرهه للميت. ويروى عن الضحاك أنه قال: المسك ميتة ودم [ ص: 435 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية