الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر دم البراغيث والذباب

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في دم البعوض، والبراغيث، وما أشبه ذلك، فرخصت فيه طائفة، ولم تر به بأسا.، فممن رخص في دم البراغيث، ولم ير به بأسا: عطاء، والحسن، والشعبي، والحكم، وحماد، وحبيب بن أبي ثابت، وطاوس، وكذلك قال الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي، وقال أحمد: ليس هو دم مسفوح.

                                                                                                                                                                              وقال الشعبي ، والحكم، وحماد، وحبيب: لا بأس بدم الخفافيش، ودم البق، وكان عروة يقول في دم الذباب: لا يضرك. وقال الحسن كذلك في دم السمك [ ص: 276 ]

                                                                                                                                                                              وقال مالك في الثوب يصيبه من ماء الخنفساء، وما يصيبها من خشاش الأرض: لا يقطع صلاته إذا رآه وهو في الصلاة.

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثان: روي عن النخعي أنه قال في دم البراغيث: اغسل ما استطعت.

                                                                                                                                                                              وقال أحمد في دم البراغيث إذا كثر: إني لأفزع منه، وقال مالك في دم البراغيث إن كثر وانتشر: إني أرى أن يغسل، وقد حكي عن مالك أنه قال: يغسل قليل الدم من الدم كله، وإن كان دم الذباب رأيت أن يغسل، وقال أبو ثور في دم السمك إذا كثر، وفحش: لا يصلى فيه. قال وسألت أبا عبد الله عن دم السمك، فقال: هو بمنزلة الدم. إن كان فحش اغسله .

                                                                                                                                                                              وقال أصحاب الرأي في دم الحلم: إن كان أكثر من قدر الدرهم، وقد صلى فيه فإنه يعيد الصلاة، وإن كان أقل من قدر الدرهم لم يعد، ولكن أفضل ذلك أن يغسله، وقالوا: ليس دم السمك بشيء، ولا يفسد شيئا . [ ص: 277 ]

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: حرم الله في كتابه الدم فقال ( إنما حرم عليكم الميتة والدم ) فالدم حرام، وغسله يجب من الثوب الذي يصلى فيه، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بغسل دم الحيضة، ولا فرق بين قليل الدم وكثيره، إذ ليس في الفرق بينهما سنة ولا إجماع فيسلم له، والله أعلم.

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية