الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر أقل الحيض وأكثره

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في أقل الحيض وأكثره، فقالت طائفة: أقل الحيض يوم وليلة، وأكثره خمس عشرة، هذا قول عطاء بن أبي رباح، والشافعي، وأحمد، وأبي ثور .

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة: أقل الحيض ثلاثة أيام وأكثره عشرة أيام، كذلك قال سفيان الثوري، والنعمان، ويعقوب، ومحمد.

                                                                                                                                                                              وروينا عن سعيد بن جبير قولا ثالثا أنه قال: الحيض إلى ثلاثة عشر يوما فما سوى ذلك فهي مستحاضة [ ص: 356 ]

                                                                                                                                                                              وقد بلغني عن نساء آل الماجشون أنهن كن يحضن سبع عشرة قيل لأحمد الحيض عشرين يوما؟ قال: لا، فإن أكثر ما سمعناه سبعة عشرة يوما. وحكى عبد الرحمن بن مهدي، عن رجل يثق به، ويثني عليه خيرا أنه يعرف من تحيض سبع عشرة.

                                                                                                                                                                              وقال الأوزاعي: عندنا امرأة تحيض غدوة وتطهر عشية، قال الأوزاعي: يرون أنه حيض تدع له الصلاة محمد بن مصعب القرقساني عنه. وحكى محمد بن كثير، عن الأوزاعي أنه قال: كانت عندنا امرأة تحيض يوما وتنفس ثلاثا. وحكى الحسن الحلواني، عن يزيد بن هارون أنه قال: كانت عندي امرأة تحيض يومين يومين .

                                                                                                                                                                              وقالت فرقة: ليس لأقل الحيض بالأيام حد، ولا لأكثره وقت، والحيض إقبال الدم المنفصل من دم الاستحاضة، والطهر إدباره .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: أما أصحاب الرأي فإن حجتهم فيما وقتوه، وقالوا به حديث رواه الجلد بن أيوب، عن معاوية بن قرة، عن أنس، وقد دفع هذا الحديث جماعة من أهل العلم ذكر الميموني أنه قال: قلت: لأحمد بن حنبل: أيصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء في أقل الحيض وأكثره؟ قال: لا قلت: أفيصح عن أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: لا. قلت: فحديث أنس؟ قال: ليس بشيء أو قال: ليس [ ص: 357 ] يصح قلت: فأعلى شيء في هذا الباب فذكر حديث معقل، عن عطاء: الحيض يوم، وليلة. وكان ابن عيينة يقول: حديث محدث لا أصل له. وقال ابن المبارك: الجلد لا يعرف بالحديث، ووهن حديثه، وقال حماد بن زيد: ما كان الجلد بن أيوب يسوى في الحديث شيئا.

                                                                                                                                                                              واحتج آخر بالحديث الذي روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لامرأة: "دعي الصلاة أيام أقرائك"، وإن أقل الأيام ثلاثة.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: وقد ذكرت علة هذا الحديث في هذا الكتاب، وهو حديث لا تقوم به الحجة، ولو ثبت لم يكن لقائل هذا القول فيه حجة، وذلك أنه قال: "أيام أقرائك"، فأضاف الأيام إلى الأقراء، والأقراء جماعة قرء، وقد يقع اسم أيام على يومين، فإذا جمعت أيام من عدة أقراء فهي أكثر من ثلاثة، وقد يقال للرجلين رجال، وليومين أيام، قال الله جل وعز ( فإن كان له إخوة ) ، وأكثر أهل العلم يحجبون الأم عن الثلث بأخوين.

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية