الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر كفارة من أتى زوجته حائضا

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم فيما على من أتى زوجته حائضا. فقالت طائفة: يتصدق بدينار أو بنصف دينار. روينا هذا القول عن ابن عباس ، وبه قال أحمد بن حنبل، قال: هو مخير في الدينار والنصف دينار.

                                                                                                                                                                              792 - حدثنا يحيى، ثنا أحمد بن يونس، ثنا إسرائيل، عن خصيف عن مقسم، عن ابن عباس : " في الذي يأتي امرأته وهي حائض، قال: يتصدق بدينار أو بنصف دينار " . [ ص: 338 ]

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثان: وهو أنه إن كان في فور الدم فدينار، وإن كان في آخره فنصف دينار روي هذا القول عن ابن عباس ، وهي الرواية الثانية عنه، وكذلك قال النخعي.

                                                                                                                                                                              793 - حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، نا أحمد بن يونس، ثنا أبو بكر، عن الأجلح، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس : " في الذي يقع على امرأته وهي حائض، قال ابن عباس: إذا كان في فور الدم فدينار، وإذا كان في آخره فنصف دينار ". قال: وكان إبراهيم يقول ذلك، وقال إسحاق بن راهويه: معناه إذا كان الدم عبيطا فدينار، وإن كان صفرة فنصف دينار.

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثالث: وهو إن كان، وطئها في الدم فدينار، وإن، وطئها، وقد طهرت من الحيض ولم تغتسل فنصف، هذا قول الأوزاعي، وقال قتادة: دينار للحائض ونصف دينار إذا أصابها قبل أن تغتسل .

                                                                                                                                                                              وفيه قول رابع: وهو أن عليه عتق رقبة، هذا قول سعيد بن جبير.

                                                                                                                                                                              وفيه قول خامس: وهو أن عليه ما على الذي يقع على أهله في رمضان، كذلك قال الحسن.

                                                                                                                                                                              قال: وفيه قول سادس: وهو أن لا غرم عليه في ماله، ولكن يستغفر الله، هذا قول عطاء، وإبراهيم النخعي ، ومكحول، وابن أبي مليكة ، والشعبي، والزهري، وربيعة، وابن أبي الزناد، وحماد بن أبي [ ص: 339 ] سليمان، وأيوب السختياني، ومالك بن أنس، والليث بن سعد، وسفيان الثوري، والشافعي، والنعمان، ويعقوب.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: وقد احتج بعض من أوجب عليه دينارا إذا أتاها في حيضها، ونصف دينار إذا أتاها وقد أدبر الدم عنها بحديث:

                                                                                                                                                                              794 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، أبنا محمد بن راشد، وابن جريج قالا: أبنا عبد الكريم، عن مقسم، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أتى امرأته حائضا فليتصدق بدينار، ومن أتاها وقد أدبر الدم عنها ولم تغتسل فليتصدق بنصف دينار"، وكل ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                              795 - قال عبد الرزاق: حدثناه محمد، عن عبد الكريم، عن مقسم، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                              796 - وحدثنا يحيى بن محمد، ثنا مسدد، نا يحيى، عن شعبة، قال: حدثني الحكم، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن، عن مقسم، [ ص: 340 ] عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم: " في الذي يأتي امرأته وهي حائض، قال: "يتصدق بدينار، أو بنصف دينار"، وقال أبو بكر: وهذا خبر قد تكلم في إسناده، رواه بعضهم عن مقسم، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                              797 - حدثنا يحيى بن محمد، عن مسدد، قال ثنا يحيى، عن سفيان، عن علي بن بذيمة، وخصيف، عن مقسم، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقال بعضهم: عن مقسم، عن ابن عباس قوله .

                                                                                                                                                                              فإن ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أوجب ما ذكرناه، وجب الأخذ به، ثم لم يكن بين قبول ذلك منه في هذا الباب، وبين قبولنا منه ما أوجب على الذي وقع على أهله في شهر رمضان فرق؛ لأن الخبر إذا ثبت وجب التسليم له، وإن لم يثبت الخبر، ولا أحسبه يثبت فالكفارة لا يجوز إيجابها إلا أن يوجبها الله، أو يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أوجبها، ولا نعلم إلى هذا الوقت حجة توجب ذلك، والله أعلم [ ص: 341 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية