الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر المرء يصلي في الثوب النجس، ثم يعلم به بعد الصلاة

                                                                                                                                                                              واختلفوا في الثوب يصلي فيه المرء، ثم يعلم بعد الصلاة بنجاسة كانت فيه، فقالت طائفة: لا إعادة عليه هذا قول ابن عمر، وعطاء، وابن المسيب، وطاوس، وسالم، ومجاهد، والشعبي، والزهري، والنخعي، والحسن، ويحيى الأنصاري، والأوزاعي، وإسحاق، وأبي ثور .

                                                                                                                                                                              727 - حدثنا سليمان بن شعيب الكيساني ، نا بشر بن بكر، نا الأوزاعي ، أخبرني ابن شهاب، أخبرني سالم ، أن ابن عمر: "كان إذا رأى في ثوبه دما، وهو في الصلاة انصرف له حتى يغسله، ثم يصلي ما بقي من صلاته" [ ص: 288 ]

                                                                                                                                                                              وأوجبت طائفة عليه الإعادة، وممن أوجب عليه الإعادة أبو قلابة، والشافعي، وأحمد، وقال الحكم: يعيد أحب إلي .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثالث: وهو أن يعيد في الوقت، وليس عليه إذا خرج الوقت أن يعيد، هكذا قال ربيعة، ومالك، وقال الحسن: يعيد. ومن حجة من قال: لا إعادة عليه من الأخبار خبر أبي سعيد الخدري.

                                                                                                                                                                              728 - حدثنا علي بن الحسن، نا أبو الوليد، نا حماد بن سلمة، عن أبي نعامة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، قال: " بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي إذ وضع نعليه عن يساره، فخلع القوم نعالهم فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة، قال: "ما حملكم على إلقاء نعالكم" ؟ قالوا: رأيناك ألقيت فألقينا. قال: "إن جبريل أخبرني أن فيهما قذرا فإن جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر في نعليه، فإن رأى فيهما قذرا أو أذى، فليمسحهما وليصلي فيهما" .

                                                                                                                                                                              729 - وحدثنا محمد بن إسماعيل، نا ابن فضيل، ثنا إسحاق بن منصور السلولي، أنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن علقمة، عن عبد الله، قال: " صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في نعليه فخلعهما فخلع القوم نعالهم فلما صلى، قال: "أخبرني جبريل أن فيهما نتنا فخلعتهما، فلا تفعلوا" . [ ص: 289 ]

                                                                                                                                                                              وحجتهم من النظر أن الذي يجب على المرء أن يصلي في الثوب على ظاهر ما هو عنده أنه طاهر، ولم يكلف في ذلك الوقت علم ما غاب عنه، فإذا صلى على تلك الصفة، فقد أدى ما عليه في الظاهر، فإذا اختلفوا في وجوب الإعادة عليه، لم يجز أن يوجب بالاختلاف فرض.

                                                                                                                                                                              وأما قول من قال: يعيد في الوقت، ولا يعيد إذا خرج الوقت فليس يخلو فاعل على ما ذكرناه من أحد أمرين، إما أن يكون مؤديا ما فرض عليه فلا إعادة عليه في الوقت، ولا بعد خروج الوقت، أو يكون غير مصل كما أمر، فلا بد لمن حالته هذه من الإعادة في الوقت، وبعد خروج الوقت .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: وإذا صلى الرجل، ثم رأى في ثوبه نجاسة لم يكن علم بها، ألقى الثوب عن نفسه، وبنى على صلاته، فإن لم يعلم بها حتى فرغ من صلاته فلا إعادة عليه، يدل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعد ما مضى من الصلاة.

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية