الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر المرأة تجنب ثم تحيض قبل أن تغتسل

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في المرأة تجنب فلا تغتسل حتى تحيض، فقالت طائفة: تغتسل فإن لم تفعل، فغسلان عند طهرها، هذا قول الحسن، والنخعي، وعطاء، وجابر بن زيد.

                                                                                                                                                                              وقال أبو ثور في الجنب: عليه أن ينوي بغسله الطهارة والجنابة، فإن اغتسل للجنابة ولم يتوضأ، ولم ينو به الوضوء أجزأه للجنابة، وتوضأ وضوءه للصلاة، وليس له أن يصلي إلا بوضوء .

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة: يجزئها غسل واحد إذا طهرت من الحيض، روي هذا القول عن عطاء، وبه قال ربيعة، وأبو الزناد، ومالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق [ ص: 228 ]

                                                                                                                                                                              وقد اختلف فيه عن الأوزاعي فحكى الوليد بن مسلم عنه أنه قال: تغتسل من الجنابة وتقيم على الحيضة، وحكى الوليد بن يزيد عنه أنه قال: إن تركت الغسل فلا حرج، وإن اغتسلت فحسن، واستحب الاغتسال.

                                                                                                                                                                              وقد احتج بعض من أوجب عليها للجنابة غسلا وللحيض غسلا: بأن الله تعالى أوجب الاغتسال من الجنابة، وأوجب الاغتسال من الحيض، وكل واحد منهما غير الآخر فلا يجوز إسقاط أحد الغسلين عنها إلا بحجة من كتاب أو سنة أو اتفاق، ومعنى كل واحد منهما غير الآخر.

                                                                                                                                                                              واحتج بعض من خالف هذا القول بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطوف على نسائه بغسل واحد، فدل فعله هذا على أن يجزئ المرأة إذا حاضت بعد جنابتها غسل واحد، نظير ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن المجامع عليه الاغتسال إذا جامع فإذا عاود أجزأه الاغتسال للأول، والآخر، وكذلك المرأة إذا أجنبت وجب عليها الغسل، فلما حاضت قبل أن تغتسل للجنابة أجزأها غسل واحد، كما أجزأ من جامع ثم عاد فجامع غسل واحد. ومن ذلك أن لا خلاف بينهم نعلم أن من بال فلم يحدث وضوءا حتى أتى الغائط أو خرج منه ريح أو كان ذلك كله منه في مقام واحد، أن وضوءا واحدا يجزئ عنه لذلك كله، وكذلك المرأة الجنب التي لم تغتسل حتى حاضت يجزئها غسل واحد [ ص: 229 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية