الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر، وطء المستحاضة

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في وطء زوج المستحاضة إياها، فأباحت طائفة وطأها للزوج، فممن أباح لزوجها وطأها ابن عباس .

                                                                                                                                                                              799 - حدثناه إسحاق، أبنا عبد الرزاق، أنا معمر، عن إسماعيل بن شروس، قال: سمعت عكرمة مولى ابن عباس : " يسأل عن المستحاضة أيصيبها زوجها؟ قال: نعم، وإن سال دمها على عقبها " .

                                                                                                                                                                              800 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن ابن المبارك، عن الأجلح، عن عكرمة، عن ابن عباس ، قال: "لا بأس أن يجامعها زوجها" . [ ص: 344 ]

                                                                                                                                                                              وبه قال سعيد بن المسيب، والحسن، وسعيد بن جبير، وعطاء، وقتادة، وحماد بن أبي سليمان، وبكر بن عبد الله المزني، والأوزاعي، ومالك، والثوري، والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور .

                                                                                                                                                                              وكرهت طائفة ذلك: روينا عن عائشة رحمها الله أنها قالت: المستحاضة لا يأتيها زوجها، وكذلك قال النخعي، والحكم، وكره ذلك ابن سيرين .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثالث: قاله أحمد بن حنبل، قال في المستحاضة: لا يأتيها زوجها إلا أن يطول ذلك بها .

                                                                                                                                                                              وقد اعتل بعض من كره ذلك بأن قال: دم الحيض أذى، ودم الاستحاضة مثله، وقد أمر الله تبارك اسمه باعتزال الحائض، وقال جل ذكره ( هو أذى ) ، وكذلك وجود دم الاستحاضة أذى، فليس لزوجها أن يأتيها.

                                                                                                                                                                              وأنكر غيره هذا القول، وقال: غير جائز تشبيه دم الحيضة بدم الاستحاضة، وقد فرق النبي صلى الله عليه وسلم بينهما فقال في الحيض: "إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة"، وقال في الاستحاضة: "إنما ذلك عرق وليس بالحيض" ، والمسوي بينهما، بعد تفريق النبي صلى الله عليه وسلم بينهما غير [ ص: 345 ] منصف في تشبيه أحدهما بالآخر، وقد أجمع أهل العلم على التفريق بينهما قالوا: دم الحيض مانع من الصلاة، ودم الاستحاضة ليس كذلك، ودم الحيض يمنع الصيام، والوطء، والمستحاضة تصوم وتصلي، وأحكامها أحكام الطاهر، وإذا كان كذلك جاز وطؤها؛ لأن الصلاة والصوم لا يجبان إلا على الطاهر من الحيض، والله أعلم.

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية