الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 390 ] 345 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في واعظ الله عز وجل الذي في قلب المؤمن

2141 - حدثنا نصر بن مرزوق وفهد بن سليمان وهارون بن كامل قالوا : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : حدثني معاوية بن صالح أن عبد الرحمن بن جبير حدثه عن أبيه ، عن نواس بن سمعان الأنصاري رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ضرب الله عز وجل مثلا صراطا مستقيما وعلى جنبتي الصراط سور فيه أبواب مفتحة ، وعلى الأبواب الستور مرخاة وعلى باب الصراط داع يقول : يا أيها الناس ادخلوا الصراط جميعا ولا تعوجوا ، وداع يدعو من فوق الصراط

فإذا أراد - كأنهم يعنون رجلا - فتح شيء من تلك الأبواب ، قال : ويحك لا تفتحه ، فإنك إن تفتحه تلجه ، فالصراط الإسلام والستور حدود الله عز وجل ، والأبواب المفتحة محارم الله عز وجل ، وذلك الداعي على رأس الصراط كتاب الله تعالى ، والداعي من فوقه كأنه ، يعني الصراط ، واعظ الله عز وجل في قلب كل مسلم .
[ ص: 391 ]

2142 - وحدثنا هاشم بن محمد الأنصاري أحد مؤذني بيت المقدس أبو الدرداء ونصر بن مرزوق جميعا قالا : حدثنا آدم بن أبي إياس ، عن الليث بن سعد ، عن معاوية بن صالح ثم ذكر بإسناده مثله وزاد ، فإذا أراد إنسان فتح شيء من تلك الأبواب .

2143 - وحدثنا إبراهيم بن أبي داود ، قال : حدثنا الخطاب بن عثمان وحيوة بن شريح ويزيد بن عبد ربه ، قالوا : حدثنا بقية بن الوليد عن بحير بن سعد ، عن خالد بن معدان ، عن جبير بن نفير ، عن النواس بن سمعان ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله عز وجل ضرب مثلا صراطا مستقيما على كنفي الصراط سوران لهما أبواب مفتحة ، وعلى الأبواب ستور وداع يدعو على رأس الصراط وداع يدعو من فوقه ، والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء [ ص: 392 ] إلى صراط مستقيم ، فالأبواب إلى كنفي الصراط حدود الله عز وجل لا يقع أحد في حدود الله حتى يكشف ستر الله عز وجل ، والذي يدعو من فوقه واعظ الله عز وجل .

قال أبو جعفر : فتأملنا هذا الحديث فوجدنا كل ما فيه مكشوف المعنى غير ما فيه من واعظ الله في قلب كل مسلم فإنا احتجنا إلى الوقوف على حقيقته ما هو فنظرنا في ذلك فوجدنا الواعظ من الآدميين هو الذي ينهى الناس عن الوقوع فيما حرم الله عليهم ، فعقلنا [ ص: 393 ] بذلك أن مثله في قلب المسلم هي حجج الله عز وجل التي تنهاه عن الدخول فيما منعه الله عز وجل ، وحظره عليه ، وأنها هي واعظ الله في قلبه من البصائر التي جعلها فيه والعلوم التي أودعه إياها فيكون نهيها إياه عن ذلك وزجرها إياه عنه كنهي غيرها من الناس الذين في قلوبهم مثلها إياه ، عن ذلك ، والله نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية